«دبلوماسية الطرق الوعرة» التي انتهجها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، خلال العقد الأول من حكمه، جذبتها إلى استكشاف قصة تعزيز التواصل بين أفراد المجتمع، وترسيخ فكرة الاتحاد في النفوس، فعكفت على إعادة تصور الجولات وتحليل الصور الأرشيفية والبيانات والتقارير التاريخية.

أنيسا غولتوم

إنها عالمة الآثار وخبيرة المتاحف أنيسا مولينا غولتوم، الفائزة بـ«منحة الأبحاث» الخاصة بمتحف الاتحاد، التي أكدت، خلال حديثها لـ«البيان»، أن المبادرة الهادفة إلى دعم الدراسات المبتكرة المتعلقة باستكشاف التاريخ والثقافة والهوية الإماراتية، حفزت المجتمع الإبداعي والأكاديمي على إنتاج وتطوير محتوى جديد يسهم في دعم منظومة البحث، ويتماشى مع التطلعات والمسؤوليات الثقافية، ما يبشر بمستقبل واعد تزدهر فيه الدراسات الإبداعية.

شريان حياة

وأوضحت أنيسا غولتوم أن اختيارها مشروع «دبلوماسية الطرق الوعرة: تجوال الشيخ زايد في ربوع الإمارات (1966–1976)، وإنشاء طريق الشيخ خليفة بن زايد الدولي (E11) كشريانِ حياة للاتحاد» مجالاً لبحثها الفائز بـ«منحة الأبحاث» الخاصة بمتحف الاتحاد الهادفة إلى دعم الدراسات المبتكرة، جاء من منطلق عملها في المتاحف وإعدادها برامج تعليمية، مشيرةً إلى التحديات التي تكتنف تقديم التاريخ الحديث للاتحاد وفلسفة القيادة الرشيدة التي تقف وراءه.

وقالت أنيسا: «بدأت الفكرة بسؤال: هل تأملت يوماً كيف يمكن للخيار الطازج الذي يحمل ملصق «منتج إماراتي» أن يصل إلى متجر البقالة الخاص بك يومياً؟ هذا أمر قد نتجاهله في عصرنا هذا.

ننسى أحياناً أن أرض الإمارات في معظمها صحراء جافة وحارة ورملية، وليست مكاناً مناسباً للزراعة»، لافتةً إلى الدور الحيوي الذي يؤديه النقل البري لإيصال المنتجات الطازجة والاحتياجات اليومية، والبنزين، وحتى الأسمنت والحجارة التي تغذي مشاريع البناء المختلفة في جميع أنحاء البلاد دون تأخير.

وبيَّنت كيف يتم توصيل كل ذلك عبر صفوف من الشاحنات التي يمكن رؤيتها تصطف يومياً نحو منتصف الليل على الطريقين السريعين (E311) و(E611)، اللذين يتصلان بالطريق (E11)، وذلك في انتظار الوقت المناسب لدخول المدن، مؤكدةً أن هذه هي أول شبكة طرق تربط الإمارات حرفياً.

وأضافت: «تصوَّر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، نظاماً لتوصيل الاحتياجات اللازمة يومياً إلى شعبه في جميع أنحاء البلاد، ومن ثم أعطى الأولوية لإنشاء طرق فرعية شكلت في النهاية الطريق (E11).

ومنذ إنشاء طريق «الاتحاد» خلال السنة الأولى من حكمه، الذي يربط الشارقة بعجمان، واصل الشيخ زايد جهوده في تلبية متطلبات ربط جميع الإمارات لأغراض السفر ونقل البضائع، وخاصةً المناطق الزراعية التي كانت من بين أوائل شبكات الطرق التي بُنيت، مثل الطريق السريع الذي يربط العين بالمنامة والدقداقة ومسافي».

رؤى ثاقبة

وكشفت أنيسا أن البحث يهدف إلى جمع رؤى المغفور له الشيخ زايد المستقبلية وأفكاره الثاقبة التي نفّذها من خلال مشاريع البنية التحتية للطرق، موضحةً أنها تطمح، من خلال البحث، إلى بناء قاعدة معرفية حول بناء الوطن وتوحيده تُلهم الجيل القادم.

وعن الأثر الذي أحدثه فوزها بـ«منحة الأبحاث» الخاصة بمتحف الاتحاد على عملها في هذا المشروع ومسيرتها البحثية عموماً، رأت أنيسا الفوز اعترافاً رائعاً بتميز موضوع البحث، وما سيعود به من فائدة على عامة الناس.

ووصفت المبادرة، التي أطلقتها هيئة دبي للثقافة والفنون (دبي للثقافة)، بأنها حافز قوي لازدهار الأبحاث الإبداعية التي تقدّم أفكاراً خارج الصندوق.