تواصل دبي ريادتها على خريطة السياحة العالمية، بفضل تفرّد نهجها ورؤاها المستقبلية، وتنوع معالمها الثقافية والتراثية والسياحية.

وتولي الإمارة، التي تحتفل سنوياً بـ«يوم السياحة العالمي»، اهتماماً كبيراً بالسياحة الثقافية، التي تمثل رافداً رئيساً لتعزيز النمو الاقتصادي، الأمر الذي جعل من الإمارة نموذجاً للتميز في القطاعات كافة، ووجهة عالمية مفضلة للعيش والعمل والترفيه.

وواحدة من أكثر المدن العالمية جذباً للزوار والمستثمرين والمواهب، بفضل ما تتميز به من تنوع ثقافي وإمكانات غير محدودة وقدرات سياحية واسعة، وبيئة إبداعية مستدامة، ما مكّنها من تسجيل رقم قياسي باستقبالها 9.88 ملايين زائر دولي خلال النصف الأول من 2025.

وتحرص هيئة الثقافة والفنون في دبي (دبي للثقافة) عبر ما تقدمه من معارض ومهرجانات فنية متنوعة ومشاريع ومبادرات إبداعية مبتكرة، على دعم قوة السياحة الثقافية في دبي، وإثراء تجارب زوارها وتمكينهم من استكشاف متاحفها ومواقعها التاريخية والتراثية التي تجسد جوهر المدينة الثقافي وتاريخها العريق.

وتدير الهيئة خمسة متاحف وخمسة مواقع تراثية و17 موقعاً أثرياً، في مقدمتها «متحف الاتحاد»، الذي يتميز بأقسامه ومعارضه وبرامجه التعليمية المختلفة التي تضيء جهود الآباء المؤسسين لدولة الإمارات العربية المتحدة.

كما يتفرد بأرشيفه الغني، بما يمتلكه من معروضات ووثائق خاصة بنشأة الدولة ودستورها، جعلت منه منصة ثقافية فاعلة تعرّف بتاريخ الإمارات وماضيها العريق، وتراثها الثقافي. ويحتضن موقع المتحف مبنى «دار الاتحاد»، الذي أدرج ضمن سجل الألكسو للتراث المعماري والعمراني العربي، ليكون شاهداً حياً على لحظة إعلان اتحاد الدولة في 1971.

وتدير «دبي للثقافة» متحف الشندغة، أكبر متحف تراثي في الإمارات، الذي منحه موقع «تريب أدفايزر» العالمي جائزة «اختيار المسافرين 2025»، بعد حصوله على مجموعة كبيرة من الإشادات والتعليقات الإيجابية التي صنفته ضمن أفضل 10 % من الوجهات الثقافية على مستوى العالم.

بفضل ما يتضمنه من كنوز ومقتنيات ثرية قدمها أكثر من 100 شخص من أفراد المجتمع المحلي، إلى جانب ما يقدمه من تجارب ثقافية وعائلية مبتكرة تسرد قصة دبي الطموحة، وتبرز أصالة المجتمع الإماراتي.

فيما يعد «حي الفهيدي التاريخي» من أبرز وجهات دبي السياحية، لما يتميز به من إمكانيات ومقومات تبرز هوية دبي الإبداعية المستلهمة من تراثها الأصيل.

في المقابل تمثل قرية حتا التراثية جسر تواصل بين الماضي والحاضر، حيث يجسد تصميم القرية تفاصيل العمارة التقليدية المميزة لمنطقة حتا، وتتيح لزوارها فرصة اكتشاف تاريخ إمارة دبي ومقوماتها الطبيعية والثقافية والتاريخية، وما تتميز به المنطقة من عادات وتقاليد وتراث غني.

من جهة أخرى، تحتضن دبي أكثر من 17 موقعاً أثرياً، تمثل مصدراً مهماً للمعرفة للباحثين والجمهور، وشهادة حية على تنوع نسيج المنطقة الثقافي، حيث تسهم في تمكين الزوار والسياح من استكشاف جذور الإمارة القديمة التي تمتد لأكثر من 300 ألف سنة، تبدأ من العصر الحجري القديم حتى العصور الإسلامية المتأخرة (القرن التاسع عشر).

ويعتبر موقع «ساروق الحديد الأثري» الذي اكتشف عام 2002 من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، واحداً من أغنى المواقع الأثرية الواقعة في الجزء الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة العربية.

وتعرض كل المقتنيات التي اكتشفت بالمكان في «متحف ساروق الحديد» الواقع في حي الشندغة التاريخي، فيما يرجع موقع «جميرا الأثري - العصر الإسلامي» (900 - 1800 ميلادية) بتاريخه إلى عصر الخلافة العباسية، ويعكس بآثاره الدور الحيوي الذي امتازت به منطقة جميرا قديماً.

ويعد موقع «العشوش الأثري» (الألف الثالث قبل الميلاد)، من المواقع الأثرية الفريدة التي اكتشفت في المناطق الداخلية الصحراوية التابعة لدبي، بينما يضم موقع «القصيص الأثري» (2500 - 550 قبل الميلاد) الذي اكتشف في سبعينيات القرن الماضي، مستوطنة كبيرة تعود إلى العصرين البرونزي والحديدي.

وأكدت هالة بدري، مدير عام هيئة الثقافة والفنون في دبي أن إمارة دبي تواصل جهودها في ترسيخ مكانتها على خريطة السياحة وتعزيز ريادتها العالمية، وهو ما يعكس النهج المتفرد للقيادة الرشيدة، ويبرز ما تتمتع به الإمارة من إمكانيات كبيرة، وبنية تحتية متطورة تتماشى مع ما تشهده من حراك إبداعي ونهضة ثقافية شاملة.

وقالت: «تمتاز دبي بتنوعها الثقافي والإنساني، وبتوفر كل العناصر والمقومات التي تعزز تجربة السياحة الثقافية فيها، حيث تواصل عبر استراتيجياتها المبتكرة تطوير مناطقها ومواقعها الثقافية والتراثية والتاريخية وتحويلها إلى عناصر جذب سياحية، ما يعكس حرصها على إبراز هويتها وإرثها الحضاري».

ولفتت بدري إلى أن يوم السياحة العالمي 2025 الذي يرفع شعار «السياحة والتحول المستدام» يتناغم مع تطلعات دبي ورؤاها الهادفة إلى حماية ذاكرتها الجماعية، وتعزيز الاستدامة الثقافية من خلال دمج التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي في الخدمات الحضرية والقطاع الثقافي، وتحفيز المشاركة المجتمعية في صون التراث المادي وغير المادي.

مشيرة إلى حرص «دبي للثقافة» على تطوير أنماط جديدة من المتاحف التي تسهم في سرد القصص المجتمعية، ما يثري تجربة الزوار والسياح، ويدعم قوة السياحة الثقافية، ويحقق رؤية الإمارة الثقافية الهادفة إلى ترسيخ مكانتها مركزاً عالمياً للثقافة، حاضنة للإبداع، وملتقى للمواهب.