مرحلة فارقة عصية على التحكم وفرض الإملاءات، تلك الفترة من عمر الإنسان التي تعقب الطفولة وتسبق المراهقة، ويكتسب فيها الفرد شعوراً مفرطاً بقيمة الذات، ورغبة في الاستقلالية، وشغفاً باكتشاف ما حوله، ما قد يُفقد رسائل التوجيه الأسرية والتعليمية قدرتها على أداء الدور المنوط بها، فتبرز حينها أهمية الأدب بوصفه أسلوباً مفعماً بعناصر الإبداع والجذب، يخاطب عقول الناشئة عبر رسائل ضمنية تُنعش الخيال وترتكز على الحوار.
ويسجل لدولة الإمارات في هذا السياق، تركيزها الكبير على الاعتناء بإطلاق برامج ومشروعات ملهمة، حكومية ومجتمعية، تعزز دور الأدب في الارتقاء بوعي اليافعين، وإكسابهم مهارات نوعية، وتحصينهم من أية تأثيرات سلبية.
أكدت الشاعرة الإماراتية نجاة الظاهري، في حديثها لـ«البيان»، أن لفئة اليافعين خصوصية أكبر في مجال الأدب الذي يشكِّل أهمية كبرى للمجتمعات في كل زمان ومكان، لا سيما في هذا العالم المتجه نحو التطور الرقمي، مشيرةً إلى أن الجيل الحالي ما زال متمسكاً بالقراءة في ظل هذه التغيرات، ونبغ منه الكثير من القرَّاء والكتَّاب أيضاً.
وأوضحت أن ثمة وعياً يتمتع به أفراد تلك المرحلة العمرية في ما يتعلَّق بقراءة الأدب خاصةً، ما ساعد على تشكيل رؤيتهم للحياة وتصوُّراتهم وخيالهم عن المستقبل، لافتةً إلى أن عدداً كبيراً من الروايات نجح في مخاطبة اليافعين وفق عقلية العصر الراهن، بالاستناد إلى عناصر التقنية الحديثة التي تم توظيفها في الأحداث.
من جانبها، رأت الكاتبة الأردنية هيا صالح أن الأدب في العصر الحالي استطاع أن يواكب تطورات الواقع، ويخاطب عقول اليافعين في ظل ضجيج وسائل التواصل الحديثة، مؤكدةً أن الكتاب ظل يمثل عنصر جذب للفتيان والفتيات بصورته الورقية التقليدية مع وجود الأشكال الأخرى من الكتب الرقمية والصوتية.
وقالت: «قد يرى من هو خارج المشهد الأدبي أن الناشئة ينجذبون نحو التكنولوجيا، وهذا واقع بلا شك، لكنَّهم ينجذبون أيضاً نحو القراءة»، منوهةً بدور الكتَّاب في تعزيز قيمة الاهتمام بالأدب ومواجهة التحديات التي نعايشها، إلى جانب الأدوار الأخرى التي يؤديها الأهل والمجتمع بما لها من أثر إيجابي فعَّال.
ولفتت الشاعرة السورية قمر الجاسم إلى خطورة المرحلة العمرية التي يمرُّ بها اليافعون؛ لما تسببه من إرباك للكاتب الذي عليه أن يمسك بزمام الأمور بحكمة وهو يقدِّم أدبه إلى تلك الفئة، موضحةً أن مهمة الأديب في هذا السياق أن يضع رسالته الضمنية، ويبتعد عن الخطابية والمباشرة اللتين لا تحققان الغرض الإبداعي.
وأشارت إلى أن صعوبة التعامل مع اليافعين تحول دون السيطرة عليهم وضبط توجُّهاتهم من قِبل الأهل، فضلاً عن القدرة على لفت أنظارهم من خلال الأعمال الأدبية، مبينةً أن التحدي الحقيقي أمام الأدب يكمن في كيفية إرسال المعاني والأفكار دون استعمال الأسلوب ذاته المتَّبع في الدروس التعليمية والتوجيهات الأسرية.