يواصل «بيت الممزر»، الذي تأسس على يد الأخوين خالد وغيث عبد الخالق عبد الله، تعزيز مكانته، وإيجاد مساحته الخاصة في المشهد الإبداعي، من خلال الانفتاح على قائمة إبداعية واسعة من الاهتمامات والأنشطة الفنية، واستقطاب مختلف الأجيال الفنية والإبداعية.
ويوفر «بيت الممزر» مساحات فنية غير تجارية، تحتضن المبدعين في دبي، وتواكب ما يشهده المجتمع الثقافي من نمو وتطور متسارعين، حيث يحتضن معرض «الأولاد بخير»، الذي يستمر حتى 26 أكتوبر المقبل، مقدماً عبر ما يتضمنه من لوحات تجارب ورؤى شبابية، تتأمل في صفحة الحياة، ومراحلها، وأهم تجاربها، وهواجسها.
ويجمع المعرض، الذي يشرف عليه القيم الفني «جميري»، مجموعة من خريجي «مدرسة راشد للبنين»، من بينهم: أحمد الملا، وأحمد الشرهان، وغيث عبد الله، وحامد النجار، وجميري، وخالد العميمي، ومحمد سنجل، وطلال النجار، وزياد النجار وغيرهم من خريجي المدرسة.
«الأولاد بخير» ليس معرضاً جماعياً بالمعنى المتعارف عليه، بل هو معرض جيل واحد، يحمل رؤية وهواجس أبناء تجربة وبيئة اجتماعية وثقافية واحدة، يقدمون من خلاله تجربة في تأمل طفولتهم ومراهقتهم.
ويستعيد الفنانون الشباب في هذا المعرض الفصول الدراسية والممرات والحقول التي شكلت شخصياتهم في بداياتهم، ويتنقلون بين الصورة والأشياء، والمفردات المادية، والإيماءات، متتبعين التحولات بين الماضي والحاضر، ويعيدون رسم طريقهم الذي قطعوه من البراءة إلى وعي الذات، ومن مرح الطفولة وشقاوتها إلى اكتساب حس المسؤولية، والاضطلاع بأدوارهم الاجتماعية والإبداعية.
فكرة المعرض
ويقول «جميري» القيم على المعرض، لـ «البيان»: «بدأت فكرة المعرض مصادفة، حينما قابلت أحد الأشخاص، وسألني عن نشاطي على إنستغرام، لاحقاً عرفت أن سبب اهتمامه، هو أنه خريج نفس المدرسة التي تخرجت فيها أنا «مدرسة راشد للبنين»، ومن هنا بدأنا الحديث عن المدرسة، وفضلها علينا، وكيف بلورت شخصياتنا، وكذلك عن خصوصيتها كمؤسسة تعليمية، أتاحت لنا المجال للتعرف إلى الفنون بأنواعها، من صناعة أفلام، ومسرح، ورسم، وغيره، واستذكرنا أفضال أساتذتنا ومعلمينا، الذين كانوا يرعون توجهاتنا، ويكرسون طاقاتهم وجهودهم لتشجيعنا. ومن هنا، نشأت فكرة المعرض».
وأضاف: «توجهت إلى الأخ غيث عبد الخالق عبد الله مدير «بيت الممزر»، الذي تخرج في نفس المدرسة، وعاش ذات التجربة، فشجع وبارك الفكرة، وأبدى رغبته في إقامة المعرض في «البيت»، ومن هنا، انطلقنا إلى البحث عن زملائنا القدامى، ممن كانت لديهم اهتمامات إبداعية، وفي النهاية، اجتمعنا في هذا المعرض».
وأوضح: «بمعونة المدرسة ومعلمينا، استطعنا الحصول على مفردات فنية، تعود إلى أيام دراستنا في المدرسة، لذا، فإن المعرض يضم أعمالاً لزملاء لم يواصلوا في مجال الفنون، ولكن كانت لهم حياتهم الفنية الشغوفة أثناء الدراسة».
قصة مؤثرة
من جهته، تحدث محمد علي سنجل، الذي أخذه التخصص الأكاديمي بعيداً عن الفن، عن حكايته المؤثرة مع هذه التجربة، وقال: «لقد توقفت عن الرسم منذ 14 عاماً، كان عمري 16 عاماً، حينما رسمت آخر لوحة لي، الذي جرى هو أن والدي قرر لدى تخرجي أن أختار تخصصاً آخر، وهكذا فعلت، وسافرت إلى بريطانيا، فأنهيت البكالوريوس، ثم الماجستير، وعدت إلى الإمارات».
وتابع: «كانت لوحتي الأخيرة معروضة في المدرسة، وحينما عدت إلى الإمارات، صدف أنهم بدؤوا يجرون إصلاحات وتوسعة في مبناها، فأعادوا لي لوحتي، وحينما رأيتها دهشت أنني رسمت مثل هذه اللوحة في مثل ذلك العمر المبكر، كان الأمر يبدو وكأنني أراها لأول مرة، أو كأني لأول مرة أعرف عن نفسي مهارتي بالرسم، عموماً، عودة هذه اللوحة إلى حياتي، حركت في نفسي شغفي القديم بالفن، لذا، حينما اتصل بي الزملاء للمشاركة في المعرض استجبت، وها هي لوحتي معروضة، وتنال الإعجاب، والجميع يدعونني إلى استئناف علاقتي بالرسم، وأظن أنني سأعود بالطبع، بعد كل هذا الحماس».
نظرة اجتماعية
وقال غيث عبد الخالق عبد الله مدير «بيت الممزر»: «بالنسبة لي، فإن موضوع المعرض هو: الرجولة والفن، لقد كنا فتية ندرس، وكنا محظوظين للغاية بهذه المدرسة، التي تقدم بالفعل ممارسة تربوية وتعليمية نموذجية وعصرية، تشجع وتدعم توجهات تلاميذها، وترعى مواهبهم.
مدرستنا أتاحت لنا على نطاق واسع، أن ننخرط في ملاحقة هواجسنا الإبداعية، ووفرت لنا البيئة والرعاية اللازمة، وأتاحت لنا كل شيء، في كافة المجالات، وبالمحصلة، ولد لدينا هذا الارتباط العميق بالإبداع والفن عموماً».
وتابع: «لهذا، فإن كثيرين من زملائنا ساروا في طريق الفن والإبداع، ومن هنا، يمكن القول إن المعرض يناقش فكرة أن يمتهن الشاب الفن، وبقدر ما يكون الموقف الاجتماعي صعباً، إلا أن مدرستنا مكنتنا من تجاوز كافة الصعاب».
وأردف: «أعتقد أننا بموازاة الحديث عن المعرض، يجب أن نتحدث عن هذه المدرسة، فقد كان لها دور أساسي، ليس في حياتنا نحن فقط، بل في بناء الدولة والمجتمع، فهي لم تخرج فنانين ومختصين في مختلف المجالات، بل خرجت كذلك مجموعة من خيرة المسؤولين والشخصيات، وبالتالي، يمكن القول إن هذا المعرض يمثل تحية تقدير وإكبار لهذه المدرسة الرائدة».
