تحتل كتب السيرة الذاتية التي يروي فيها القادة تجاربهم وخبراتهم، ويسجلون فيها شهاداتهم على الزمان وأحداثه، أهمية خاصة لدى القراء، وتتصدر في الصدد مؤلفات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، التي كتبها بنفسه وعرض فيها تجاربه، ومنها كتاب «قصتي».

كما تبرز في هذا الخصوص، المؤلفات التي كتبها آخرون عنه وحكوا فيها عن تجاربهم معه وما تعلموه في مدرسته، حيث شكلت ظاهرة ثقافية ومصادر معرفة متميزة، لجهة أنها لا تتحدث عن التجارب بوصفها جزءاً من سرد الماضي، ولكن لاعتبارها جزءاً من أدوات بناء المستقبل.

«البيان» استطلعت آراء أكاديميين وكتاب وباحثين وقراء، حول أهمية كتاب سموه ضمن هذا الحقل من الكتب، واستكشفت أهم التوجهات لدى القراء في الشأن.

يقول الدكتور صالح حموري أستاذ الإدارة الحكومية في كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية: «تشكل مؤلفات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ظاهرة مميزة، ويمكن لمن قرأ مؤلفات سموه أن يلاحظ أنه لا يكتب الذكريات لمجرد الذكريات، بل إنه يكتب تجاربه لقيادة المستقبل، وهذه ظاهرة فريدة، وتنم عن عقل قيادي مستدام، يتسم بآفاق واسعة ورؤية عميقة».

وأضاف: «أنا بصفتي متخصصاً بمجال الإدارة الحكومية، لا يمكنني إلا أن ألاحظ أن سموه في مؤلفاته يترك السياسة جانباً، ويركز على ما يحسن جودة الحياة، وهي الإدارة، ويصيغ ذكرياته وتجاربه بحيث تكون دروساً في الإدارة الحكومية، ولهذا وباعتباري متخصصاً في المجال، وجدت نفسي معنياً، علمياً، بالقراءة المستفيضة لمؤلفات سموه، والأمر قادني إلى كتابة دراسة شاملة حول فكر سموه في مجال الإدارة الحكومية».

وتابع حموري: «يقدم سموه بلغته الإنسانية العالية والرفيعة، اقتراحات غير مسبوقة في دقتها ووضوحها العلمي حول مفاهيم «الحكم» و«القيادة» و«الإدارة». إن سموه يترجم تجربته الكبيرة والعميقة عبر مؤلفاته بأفكار علمية، لذا فهي أكثر من مجرد كتب سيرة ذاتية».

طاقة إيجابية

ومن جهته، يلفت الدكتور يسار جرار، مؤلف كتاب «الشيخ التنفيذي» الذي يحكي عن فكر ورؤى فارس العرب، إلى أن كتب القادة تنقسم إلى قسمين: قسم ملهم فيه تجارب إدارية يمكن أن تُدرس، وقسم ينشغل بالهواجس التاريخية.

وقال: «كتابي (الشيخ التنفيذي) عن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، على سبيل المثال، يغطي مساحة مهمة في الإدارة، وكنا قبل ذلك نُدرس أسلوب الإدارة لـ «كندي» أو أسلوب «مارتن لوثر كنغ»، أو «مانديلا»، أما الآن فهذا الكتاب قدم نموذجاً جديداً من المنطقة، وهو نموذج يحتذى به، بل ويشكل مدرسة في الإدارة والتخطيط والتنفيذ».

وتابع جرار: «هناك مثلاً كتب التنمية الذاتية، وهي من أكثر الكتب مبيعاً في وقتنا الحالي بلا منازع، هل يقرأها الإنسان ويستفيد ويتغير ويتحسن؟ طبعاً لا، هي بالطبع تعطي دروساً وخططاً يمكن اتباعها في الغالب لمن أراد فعلياً التعلم، وبالعودة إلى كتاب «الشيخ التنفيذي» الذي كتبته عن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، فهو كتاب يقدم نموذجاً، ويقدم معرفة، والقراء يشيدون بالفصل الذي كتبته عن الطاقة الإيجابية، ويجدون فيه نصاً يساعدهم ويعينهم على اقتناص الطاقة الإيجابية والتحلي بها ويتفقون على أنها حققت تغييراً في حياتهم، واستفادوا فعلياً مما جاء في الكتاب».

فلسفة «الرقم واحد»

بدوره، يقول هاني بني عامر، وهو قارئ وباحث: «إن الشغف بكتب السيرة معروف ومفهوم، ولكني على المستوى الشخصي مهتم بالعبور نحو فهم ظواهر كبيرة ومهمة، وعلى وجه التحديد: لماذا نهضت دبي، ولم تنهض حواضر أخرى، وأنا أقرأ مؤلفات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لأجد إجابة عن هذا السؤال، فكل منا يجد ضالته في مثل هذه الكتب».

وتابع: «تعلمت أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد يعني كل كلمة يقولها، وأنه لا يطلق الشعارات جزافاً، لقد قال في أكثر من مقام جملة «الرقم واحد»، وها نحن بعد هذه السنوات نرى أن «الرقم واحد» ليس شعاراً، ولكنه طموح وهدف تحقق بأغلب أركانه».

قيمة أدبية

تقول القارئة راية سميح مكاوي: «نعم تستهويني هذه الكتب، ففيها جانبان: أدبي حميم، والتجربة الحياتية التي نتعلم منها، التجربة التي تجعلنا نعيد تقييم الأشياء من حولنا، وهي تقدم للقارئ نوعاً من التنمية الذاتية، وبرأيي فإن هذه الكتب مهمة».

وتابعت مكاوي: «أنا أهتم على نحو خاص بالدوافع التي تدفع إنساناً ما لأن يروي تجربته الخاصة، لا سيما حينما يكون هذا الإنسان قائداً بالتأكيد هنالك سبب قوي، وفهم هذا يساعد على الاستمتاع بقراءة هذه الكتب، فمثلاً مؤلفات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، تنطوي على الكثير من الصدق وعمق التجارب، وتتضمن دروساً مهمة، كما أنني أستمتع، أيضاً، بقيمتها الأدبية».