رحلة جديدة للكتب القديمة التي أوشكت أن تندثر، ترسم تفاصيلها مبادرات هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة»، وذلك عبر معارض الكتب المستعملة التي تتنوع مواقعها، لتشمل جمهوراً عريضاً من عشاق القراءة، وتعزز ثقافة تبادل الإصدارات بين أبناء المجتمع.

وإلى جانب مفهوم الاستدامة الذي يترسخ من خلال هذه المعارض، تطلُّ مفاهيم أخرى ذات قيم أصيلة، أبرزها: تداول المعرفة، والرغبة في التبرع، وإنعاش القراءة الورقية، وتيسير سبل العلم، فتصنع حالة بديعة من الثقافة، ومظهراً مشرقاً بالبهجة والإبداع.

وأكد عبد الرحمن كلبت مدير إدارة مكتبات دبي العامة في هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة»، لـ «البيان»، أهمية معارض الكتب المستعملة، ودورها في ترسيخ ثقافة القراءة لدى الأجيال القادمة، مشيراً إلى حرص الهيئة على تنظيمها بشكل منتظم، بهدف جعل الثقافة في متناول الجميع.

ويأتي ذلك في إطار دعمها للاستراتيجية الوطنية للقراءة 2016 – 2026، الرامية إلى ترسيخ القيم الثقافية في المجتمع.

وأوضح أن هذه المعارض تمثل جزءاً محورياً من البرنامج الثقافي لمكتبات دبي العامة، حيث تسهم في نشر المعرفة، وتعزيز مفهوم استدامة الكتب.

وقال: «تسعى مكتبات دبي العامة من خلال حملة «تبرع بكتبك»، إلى تشجيع أفراد المجتمع على التبرع بالكتب وتبادلها والاستفادة منها وحفظها من الضياع، إلى جانب تغيير الصورة النمطية المرتبطة بتبادل الإصدارات المستعملة، ورفع مستوى الوعي بأهمية هذه المؤلفات، وقدرتها على تلبية احتياجات القراء المتنوعة».

وأشار إلى أن معارض الكتب المستعملة التي تنظمها الهيئة، تضم تشكيلة غنية من العناوين والإصدارات التي تغطي مختلف مجالات المعرفة، وتلبي اهتمامات مختلف الفئات العمرية، وتشمل القصص والروايات والكتب الأدبية والعلمية، وتُعرض بأسعار رمزية تتراوح بين 3 و10 دراهم، مؤكداً في الوقت نفسه أن هذه المعارض تحظى بإقبال ملحوظ من القراء والمهتمين باقتناء الكتب، ما يعكس تنامي الوعي المجتمعي بأهمية إعادة تدوير الكتب وتداولها، ودورها في إثراء الحراك الثقافي في دبي.

استفادة قصوى

ولفت عمر محمد الهمداني، أحد زوار معرض الكتب المستعملة، الذي أقيم أخيراً في مكتبة الطوار بدبي، إلى أن معارض الكتب المستعملة، هي الطريق الأمثل لترسيخ ثقافة التبرع بالكتب في المجتمع، التي رأى أنها تحقق استفادة قصوى في سبيل نشر عادة القراءة بين أبناء الأجيال المختلفة، مستشهداً بواقعة عاينها بنفسه، لسبعة من طلبة العلم الشرعي، حفظوا جميعاً القرآن الكريم من مصحف واحد، تبرَّع به بعضهم لبعض بصورة متعاقبة.

ودعا الهمداني، الذي يميل إلى القراءة الموسوعية في معظم مجالات العلم والفكر، لا سيما علوم الطبيعة والزراعة، إلى ضرورة توسيع معارض الكتب المستعملة، ومراعاة الثقافات واللغات كافة، وعدم الاقتصار على الكتب العربية والإنجليزية، والتركيز على عرض الإصدارات بطريقة مرتبة، وفق الموضوعات، ليسهل البحث فيها عن الكتب المفضلة، مشيراً إلى أن أهم ما يميز تلك المبادرة، توفير الكتب بأسعار مخفضة ومناسبة للجميع.

بُعد أخلاقي

وقالت نوف أبو إسبر، إحدى زوار معرض الكتب المستعملة، الذي أقيم في مركز دبي المالي العالمي، إن تلك المعارض التي تحتضنها دبي بين الحين والآخر، تتميز بأنها ترسخ ثقافة الاستدامة التي تحافظ على الكتب، وتمنحها حياة جديدة بين أيدي قرَّاء جدد، كما أنها تعلِّم الأجيال الشابة قيمة التبرع ذات البعد الديني والأخلاقي، مؤكدةً أن القراءة الورقية تكتسب انتعاشاً من خلال تلك المبادرات المهمة.

وأشادت نوف، التي تحرص على تشجيع ابنها دوماً على زيارة معارض الكتب بأشكالها المختلفة، بالأسعار الرمزية التي تتميز بها الإصدارات المعروضة في تلك الفعاليات، لافتةً إلى ما يحققه ذلك من زيادة الإقبال الجماهيري على شراء الكتب واقتنائها، ومن ثم توسيع ثقافة القراءة في المجتمع.