الكتابة معاناة يكابدها المبدع في سبيل غايته المنشودة، وتعب لذيذ لالتقاط الفكرة البارقة في أفق الرؤى، يرحل في مداها القلم ليخط تفاصيل الحلم الذي راود مخيلة الكاتب، ويداعب السطور فيرسم تقاسيم وجه الحياة كما لم يُرَ من قبل.

ومن بين الأقلام السابحة في بحار الإبداع، كان قلم الكاتبة الإماراتية الدكتورة فاطمة محمد على موعد مع معاناة من نوع خاص، تمتزج فيها مشاعر الأمومة تجاه فلذة كبدها «زايد» بروعة الأدب الذي يصور حياة أصحاب الهمم، ليكتمل المشهد بكتابي «كروموسوم» و«في عيني اليمنى بستان» اللذين يشكلان باكورة الكتابة في هذا الحقل الإبداعي الحافل بالتحديات.

وأكدت الكاتبة لـ«البيان» أن الكتابة عن أصحاب الهمم تحتاج وعياً وإنسانية صادقة.

حاجة ماسة

وتوضح الكاتبة الدكتورة فاطمة محمد (أم زايد)، في حديثها لـ«البيان»، أن أبرز الصعوبات التي تواجه الكتابة الأدبية عن أصحاب الهمم تتمثل في صعوبة تسويق الإصدارات في هذا الجانب، مع الحاجة الماسة إلى نشرها وسط فئات أكبر في المجتمع، منوهة بالإنجازات الملموسة خلال المرحلة الماضية على مستوى المبيعات.

وتقول الدكتورة فاطمة: «عملت اختصاصية احتياجات خاصة، وكنت أزاول عملي في أحد مراكز أصحاب الهمم بدبي، وهذا ما جعل كتابتي عن أصحاب الهمم ملامسة لقلبي وممزوجة بمشاعري الصادقة»، مشيرة إلى التحديات التي تعترض الكتابة الإبداعية عن أصحاب الهمم وتفرض على المبدع أن يكون قريباً من معاناتهم.

إنسانية

وعن الصفات الواجب توافرها في الكاتب الذي يعبر عن أصحاب الهمم وإن كان يشترط فيه معايشة حالات من هذا النوع، تضيف: «أهم ما يحتاج إليه المبدع في هذا المجال أن يكون إنساناً حقيقياً صادقاً»، منتقدة افتقار كثيرين إلى مفهوم الإنسانية في تعاملاتهم ومواقفهم الحياتية.

وتكشف عن الأسباب وراء ندرة الأعمال الأدبية التي تتطرق إلى معاناة أصحاب الهمم ومشكلاتهم التي رأت أنها تكمن في ضعف تسليط الضوء عليهم، متوقعة أن يشهد المستقبل القريب جهوداً مكثفة تعزز الوعي لدى المجتمع بتلك القضية، وتدعم الأدباء في سبيل تفجير طاقاتهم الإبداعية للتعبير عنها.

إنجاز أدبي

وتردف: «أصحاب الهمم جزء لا يتجزأ من المجتمع يعيش معنا ويشاركنا تفاصيل حياتنا، ولا بد من تحفيز الكتابة الإبداعية التي تتناول هذه الفئة المنسية من قبل بعض الناس»، معربة عن اعتزازها بأن كانت إحدى من أسهموا إيجابياً على هذا الصعيد وحققوا إنجازاً أدبياً بكتابات تغطي هذا الجانب.

وتؤكد أن أهم ما يعنيها في مشروعها الأدبي الإنساني الذي كافحت من أجله هو أن تصل الرسالة إلى الأسر في المقام الأول ثم الأطفال من أصحاب الهمم بصورة صحيحة، بحيث إذا كبروا يكونون على دراية تامة بحقيقة ما هم فيه، مبينة ضرورة تنمية الوعي في نفوسهم بحالتهم الصحية؛ حتى يصبحوا أقدر على تقبل الفكرة والتصالح مع الذات.