إبداعات وأبحاث وابتكارات متنوعة، حفلت بها مسيرة جائزة العويس للإبداع، التي تجاوز عمرها 3 عقود، لترسم ملامح تاريخ مشرف، صنع مناخاً ثقافياً من الروعة والجمال، انفتحت فيه آفاق الخيال، ولمعت من خلاله الأفكار الملهمة.

وخلال المعرض التوثيقي للأعمال الفائزة بجائزة العويس للإبداع (1990 - 2023)، الذي احتضنته مؤخراً ندوة الثقافة والعلوم في دبي، كان لـ«البيان» لقاءات مع مبدعين نقشوا أسماءهم في سجل تلك الرحلة المضيئة، عبر مجالات اختلفت توجهاتها واتحدت في عبقرية الإبداع.

قال الدكتور جاسم ميرزا، الفائز بجائزة العويس للإبداع خلال 5 دورات إنه حصل عليها 4 مرات في مجال البحث العلمي، وكانت المرة الأخيرة عن أفضل برنامج إذاعي اجتماعي في الإمارات عام 2018، من خلال برنامج «لمن يهمه الأمر»، عبر إذاعة «نور دبي»، مؤكداً أن الجائزة تؤسس لفكر وثقافة وحراك إبداعي مميز.

ولفت إلى أن سبب تركيزه على البحوث الاجتماعية يرجع إلى دراسته الإعلامية واهتمامه بالجانب التوعوي، وكونه أول من كتب في الإعلام الأمني في الإمارات، مشيراً إلى أن آخر بحث نال به المركز الأول في الجائزة تطرق إلى قضية المخدرات الرقمية وحقيقة تأثيرها في الشباب.

وحكى الدكتور ميرزا كيف كانت بداية شغفه بدراسة تلك القضية، التي أثارتها إحدى وسائل الإعلام العربية، إذ ادعت أن ثمة ملفات صوتية تتكون من موسيقى صاخبة وهادئة، وتُسمع بطريقة معينة لتؤدي في النهاية إلى الإدمان، موضحاً أنه نجح علمياً في إثبات عدم صحة هذه الشائعات، ودحض ما جرى اختلاقه حولها.

وقال: «أجريت تجارب على عينة من ألف طالب في 10 جامعات في دولة الإمارات، ومن خلال الاستبانة اتضح أن الأمر لا يعدو كونه ضجة إعلامية لا تستند إلى أدلة ملموسة»، منوهاً بالدور الحيوي الذي تنهض به جائزة العويس بتشجيع الابتكار والبحث العلمي، ومواكبة التنوع والتطوير، وثورة الرقمنة والذكاء الاصطناعي.

مشاهد بديعة

من جانبها، استعرضت الفنانة منال عبدالله بن عبود الفلاسي، الفائزة بجائزة العويس للإبداع خلال دورتي 2014 و2020، مسيرتها الفنية المتأثرة بطبيعة دولة الإمارات وروح المكان المشتمل على النباتات والأشجار والمساحات الخضراء، مشيرة إلى أنها تميل إلى محاكاة تلك المشاهد البديعة في لوحاتها، وتكرار تجربتها مرات متعددة؛ لتتناول الفكرة من زوايا مختلفة.

وقالت: «أرى المنظر الطبيعي، اليوم، وأعكف على رسمه، ثم أعيد تأمله غداً بعين ثانية، ويزداد تعلقي بالألوان الشفافة وخفتها؛ ولذا فأنا متأثرة بأسلوب الفنان الإماراتي عبد القادر الريس»، مؤكدة أن الجائزة فتحت لها الآفاق لاكتشاف قدراتها الإبداعية والتركيز عليها، ما أتاح لها المشاركة في معارض متعددة.

واستذكرت منال اللحظات السعيدة، التي أبلغت فيها بالحصول على المركز الأول عام 2020، بينما كانت في بيتها خلال جائحة كورونا، الأمر الذي أنساها مرارة العزلة، وعكس ملامح البهجة على الحياة من حولها، واصفة الحدث بأنه وسام شرف على صدرها، تزدهي به في كل مناسبة ومحفل.

وأضافت: «أطلقت جائزة العويس العنان لأحلامي، وكان من ثمرات ذلك أن وفقني الله تعالى بأن شاركت بأعمالي هذا العام في جناح دولة الإمارات بمعرض إكسبو اليابان 2025»، مشددة على ضرورة الاستمرار في دعم الفنانين الذين يتطلعون إلى الظهور الإعلامي، ونشر تجاربهم الإبداعية بصورة أوسع في المجتمع.

عطاء واستمرارية

وذكر الفنان سالم جوهر، الفائز بجائزة العويس للإبداع في دورات متعددة، أن بداية مشاركته في الجائزة كانت مع انطلاقها عام 1992، وأنه تخصص منذ زمن طويل في فن الخزف، الذي لم يكن مشهوراً إلا في مصر والعراق، مشيراً إلى أنه حصل على منحة للدراسة في أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد، حيث تخرج عام 1980 بتقدير ممتاز، متفوقاً على جميع أقرانه في الدفعة.

وخلال جولة وسط أعماله الفنية المتنوعة شرح جوهر دلالات أساليبه الإبداعية، التي تجمع بين العمق والبساطة، وبين كيف استطاع أن يوظف في بعضها الحروف الفطرية، التي تعبر عن بدايات الكتابة لدى البشر، في حين استوحى أفكار بعضها الآخر من البيئة البحرية، لافتاً إلى أنه شارك في معارض عديدة بإيطاليا وبلدان أخرى.

وقال: «عبرت عن فلسفة الاستمرارية في العطاء، مستلهماً ذلك من اللؤلؤ، الذي يشكل جزءاً أصيلاً من التراث الإماراتي، إذ صنعت من الطين قطعاً تشبهه، وأضفت عنصر الحركة في تشكيل التحف الفنية، كما لم يفُتْني أن أرمز إلى إمارات الدولة واتحادها»، موضحاً أن ما يميز فن الخزف اعتماده على تقنيات عالية، ينبغي للفنان الإحاطة بها؛ نظراً للمراحل التي يمر بها العمل الفني، والحرارة المرتفعة، التي يلزم تعريضه لها.

وتحدث عن عمله الأخير، الذي شارك به في جائزة العويس للإبداع، وتشكل في صورة جدارية، بلغ طولها متراً ونصف المتر، استخدم فيها الخشب وعينات من المواد المستعملة في بناء البيوت القديمة بالإمارات، كما استعرض تفاصيل عمل سابق يدور حول شجرة الرولة في الشارقة ذات التاريخ العريق، التي مثلت تجمعاً للتعارف، ومناسبات الزواج.