أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2014 يوم 15 يوليو يوما عالميا لمهارات الشباب، احتفاءً بما تكتسيه عملية تزويد الشباب بالمهارات اللازمة للعمل والعمالة اللائقة وريادة الأعمال من أهمية استراتيجية. ويأتي موضوع هذا العام ليسلّط الضوء على تمكين الشباب بوساطة الذكاء الاصطناعي والمهارات الرقمية.
وفى الذكرى الـــ 10 يحتفي اليوم العالمي لمهارات بأهمية تطوير مهارات الشباب كمحرك رئيسي لتحقيق التنمية المستدامة وتقليل معدلات البطالة التي تؤثر بشكل كبير على فئة الشباب حول العالم. من خلال برامج التدريب والتأهيل المهني، خاصةً بعد التداعيات الاقتصادية والاجتماعية التي خلفتها جائحة كوفيد-19، والتي أظهرت بشكل جلي الحاجة الماسة إلى مهارات جديدة لمواكبة التغيرات السريعة في سوق العمل العالمي.
وفقًا لمنظمة العمل الدولية، بلغ معدل بطالة الشباب على مستوى العالم حوالي 14.7% في عام 2025، وهو أعلى بنحو ثلاثة أضعاف المعدل العام البالغ 5.8%. وتتفاوت هذه النسبة بشكل كبير بين الدول المتقدمة والنامية؛ حيث تصل في الدول النامية إلى نحو 23%، بينما تتراوح في الدول المتقدمة حوالي 10%. يُعزى ذلك إلى نقص فرص التدريب، وعدم توافق البرامج التعليمية مع متطلبات السوق، وارتفاع معدلات الفقر والتمييز بين الجنسين، خاصةً في المناطق التي تعاني من ضعف البنية التحتية التعليمية.
على صعيد المهارات الرقمية، أظهر تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية أن حوالي 65% من الشباب حول العالم يمتلكون مهارات رقمية أساسية، إلا أن هناك حاجة ماسة لتطوير المهارات الرقمية المتقدمة التي تتيح لهم المنافسة على مستوى عالمي، إذ يُقدر أن 35% منهم يفتقرون إلى المهارات الضرورية للعمل في القطاعات التكنولوجية الحديثة، مما يعيق فرصهم في الحصول على وظائف ذات دخل عالٍ وتطوير مشاريع ريادية. وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تتراوح نسبة الشباب المتمكنين من المهارات الرقمية بين 40 و50%، وهو ما يعكس الحاجة الملحة للاستثمار في التعليم الرقمي والتدريب المهني.
شهد عام 2025 زيادة ملحوظة في حجم البرامج التدريبية الموجهة للشباب، حيث تم تنفيذ أكثر من 1.2 مليار ساعة تدريب مهني على مستوى العالم، مع زيادة بنسبة 15% مقارنة بالعام السابق، وهو مؤشر على تزايد اهتمام الحكومات والمنظمات الدولية بتمكين الشباب من خلال التدريب المهني والتطوير المستمر. وتُظهر الدراسات أن الدول التي استثمرت بشكل كبير في برامج تدريب الشباب حققت معدلات نمو اقتصادي تصل إلى 2-3% أعلى من تلك التي تقل فيها الاستثمارات، مما يعكس أهمية توفير بيئة ملائمة لتطوير المهارات لتمكين الشباب من الإسهام بفعالية في التنمية الاقتصادية.
وفي سياق التمويل، خصصت الحكومات والمنظمات الدولية أكثر من 35 مليار دولار للاستثمار في برامج تدريب الشباب، بزيادة قدرها 20% عن عام 2024، حيث يُركز التمويل بشكل رئيسي على تطوير المهارات الرقمية، وريادة الأعمال، والتدريب المهني، بهدف تيسير انتقال الشباب إلى سوق العمل وتحقيق الاستدامة الاقتصادية. وتُعد مبادرة الأمم المتحدة “المهارات للجميع ” أحد أبرز البرامج العالمية التي تهدف إلى تدريب 100 مليون شاب بحلول عام 2030، بالإضافة إلى إطلاق مشاريع إقليمية مثل “المهارات للجميع l” في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تستهدف تدريب 10 ملايين شاب بحلول 2027.
رغم هذه الإنجازات، لا يخلو المشهد من تحديات عديدة، حيث لا تزال هناك فجوات في التمويل والبنية التحتية، وعدم توافق البرامج مع احتياجات سوق العمل، وتفاوت الفرص بين الجنسين، مما يعيق تحقيق الأهداف المنشودة. ومع ذلك، فإن هناك فرصًا كبيرة للاستفادة من النمو في قطاع التكنولوجيا، والانتشار الواسع للتعليم الإلكتروني والتدريب عن بعد، الأمر الذي يسهم بشكل كبير في توسيع نطاق الوصول إلى التدريب، خاصة في المناطق النائية والفقيرة.
ومن جانب اخر يؤكد اليوم العالمي لمهارات الشباب على ضرورة تكثيف الاستثمار في تطوير مهارات الشباب، باعتباره استثمارًا في مستقبل المجتمعات، حيث إن تمكين الشباب من المهارات اللازمة يفتح أبوابًا واسعة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويقلل من معدلات البطالة، ويعزز من قدراتهم على الابتكار والإبداع، خاصة في ظل التحولات التكنولوجية المتسارعة التي يشهدها العالم. إن تعزيز مهارات الشباب هو الطريق الأمثل لضمان مستقبل مستدام ومزدهر للجميع.
