وهو أحد الرموز الأدبية المهمة التي أسهمت في تشكيل المشهد الثقافي وإثراء المكتبة العربية.
ونعى اتحاد كتَّاب وأدباء الإمارات الأديب الراحل في بيان عبر حسابه الرسمي في «إكس»، أمس، جاء فيه: «بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، ينعى اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، المغفور له بإذنه تعالى عضو الاتحاد القاص والكاتب الإماراتي علي الحميري الذي وافته المنية اليوم 3 ديسمبر 2025.
نسأل الله أن يُلهم أهله وذويه الصبر والسلوان. «إنّا لله وإنّا إليه راجعون»».
وأوضح الهاملي أن الحميري آمن بأن الكتابة أمانة، كما عبَّر عنها في إحدى المقابلات التي أجريت معه، وأن على الكاتب أن يكون مخلصاً لرسالته، لا يساير تقلبات الموضة أو يسعى للشهرة الفارغة، مشيراً إلى أن هذه النزاهة الإبداعية كانت جوهر أسلوبه الذي تميز بسرد هادئ، متأمل، يستحضر الأحاسيس والعلاقات الاجتماعية بعين رصينة، لا ببهجة سطحية أو تزييف رومانسي.
ونوَّه بأن الحميري كان أحد الذين أسهموا في بنية ثقافية وطنية عبر عضويته في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات منذ أواخر التسعينيات، مشاركاً بنشاط في نشر القصص والرواية الإماراتية، وداعماً لكتّاب شباب يسعون لإيجاد مكان لهم بين المكتوب والواقع، مضيفاً: «بمغادرته، تُغلق صفحة من تاريخ أديب إماراتي احتفى بالذاكرة الشعبية، وبنى جسوراً بين الماضي والحاضر، وقدر الألفة بين الإنسان ومحيطه، وبين الحكاية والحياة.
رحم الله الكاتب علي الحميري رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، «إنّا لله وإنّا إليه راجعون»».
1948
وُلد علي الحميري عام 1948، ونهل من معين التراث الشعبي الإماراتي الأصيل، متأثراً بحكايات الجدات التي علّمتْه الإيمان والمحبة والجمال، شكّلت هذه الجذور العميقة في البيئة المحلية الأساس الصلب لأعماله الأدبية، وجعلت كتاباته تتسم بالصدق والعفوية والقرب من نبض المجتمع الإماراتي.
كان الحميري عضواً فاعلاً في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وأثرى المكتبة العربية بالعديد من المجموعات القصصية والروايات التي حظيت بتقدير النقاد والقراء على حد سواء، ومن أبرز أعماله: «قزم وعملاق»، «الداسيات»، «ذرة فوق شفة»، «أميرة حي الجبل»، «خربشات على أديم الكثبان».
وأسهمت أعمال الحميري في تشكيل ملامح القصة القصيرة والرواية في الإمارات؛ إذ كان صوته الأدبي مميزاً، ويعبّر عن مجتمعه بلغة أدبية رفيعة، ويرصد التحولات الاجتماعية والثقافية التي مرت بها الدولة، من مرحلة الغوص والحياة البسيطة إلى زمن الحداثة والتطور، ولم تكن كتاباته مجرد سرد للأحداث، بل كانت تأملاً عميقاً في النفس البشرية والهوية المحلية.
إنسانية دافئة
آمن الحميري بأن المعرفة هي نتاج ما نسمع ونرى ونقرأ، وأثمر هذا الإيمان إرثاً أدبياً ذا بصمة فريدة تتسم بالعمق الأدبي، فتميزت تجربته بـالجرأة ورفض البقاء في المحلية فحسب، فاتسعت رؤيته لتشمل وجوه الناس في المجتمعات والأمم المختلفة، وتمتع بقدرة نادرة على الدخول إلى الشخصية مهما كانت بيئتها، ليسبر أغوارها وينسج عالماً متكاملاً، ويجسّد لوحدة التجربة الإنسانية.
لقد غادر علي الحميري دنيانا، لكنه لم يغادر الذاكرة الأدبية؛ فهو باقٍ بفضل قصصه التي قفزت من حدود الجغرافيا إلى فضاء الإنسانية المتجانسة، شاهداً على أن الكاتب الحقيقي هو من يستلهم الجمال من حكايات الماضي، وينسج منها عوالم للمستقبل.
