الانطباعية والصدق في التعبير والرغبة في العطاء المستمر أبرز السمات الجاذبة في شخصيته؛ ولذا فإنه يتحدث عن قضايا الأدب ومشكلاته كأنه يتنفس، وتلفتك وأنت تحاوره تلك المشاعر الجارفة في سرد حكايا مسيرته الإبداعية التي تجد مصداقها في أعماله الأدبية.

لا يلتفت كثيراً إلى الأطر المحيطة بالنصوص والمصطلحات التي تصاغ في تسمياتها، بل يرى أن من حق الأديب أن يخلع على نصه المولود ما شاء من الأوصاف، لكنَّ انحيازه إلى قيمة الإبداع الكامن في السطور.

إنه الشاعر والكاتب الإماراتي أحمد العسم الذي التقته «البيان»، وأبحرت معه في دنيا الشعر والنثر، فأخذ يبوح برؤاه الفكرية، ويرسم بحديثه ملامح تصوراته تجاه علاقة الأديب بكتاباته ومجتمعه.

ويوضح أحمد العسم أنه بدأ في حقبة الثمانينيات كتابة قصيدة النثر وعايش تمرداتها الجميلة، ثم وجد نفسه في مجال كتابة النثر الدارج المغنَّى الذي يختلف في خصائصه الفنية عن الشعر النبطي، مشيراً إلى أنه يحاول دائماً، خلال مشاركاته في الأمسيات الأدبية، جذب المتلقي إلى هذا اللون الأدبي الذي يرى أنه ملائم للعصر الراهن، كما أنه حتى وهو يزاول كتابة المقال يستحضر مشاعر القصيدة، ويبدع فيه بمفهوم النص المفتوح.

ويقول: «يرى المبدع عادةً باب الإبداع مفتوحاً، لكنه يفضل الخروج من النافذة؛ ولذلك قد لا يحسن المجتمع فهم فلسفته، وربما لا يؤمن به إلا بعد رحيله»، مبيناً أن هذا السبب هو ما يدعو كثيراً من الأدباء إلى جمع أعمالهم وتقديمها إلى الجمهور الذي يكون أشد إدراكاً لعمق تجربته الإبداعية من عائلته في كثير من الأحيان.

سعادة غامرة

ويؤكد العسم أنه يشعر بسعادة غامرة لما تركه من انطباع جميل في نفوس أفراد عائلته عندما يصادفهم من يشيد بكتاباته ومدى تأثيرها في وجدان قرائه، وأنه يعتز كثيراً بمسيرته الإبداعية إلى درجة أنه لا يزال يحتفظ بمسوداته المخطوطة التي سطرها منذ سنين طويلة، لافتاً إلى قيمة الاطلاع على خطوط الأدباء التي تفشي جوانب مهمة من نفسية المبدع، وتسرد أسرار وهجه الفني.

دراسة

ويضيف: «عكف فريق من الباحثين على دراسة شخصية الشاعر العراقي الراحل بدر شاكر السياب، معتمدين على تأمل نصوصه المكتوبة بخط يده»، موضحاً أن السياب كان قد ترك المخطوطة الأصلية لقصيدته الشهيرة «أنشودة المطر» بحوزة نادل، وعند الاطلاع عليها كشفت للدارسين زوايا خفية تتعلَّق ببدايات إبداع هذا النص.

ويبين أن الأحداث التي يزخر بها المجتمع والتفاصيل الغزيرة المتشابكة فيه تمد الأديب بإلهام مستمر وفيض لا ينضب من الأفكار الخلَّاقة، مؤكداً أن على المبدع الحقيقي أن يواصل عطاءه ولا يتوقف حتى آخر نفَس، وأن يكون شعاره الذي يؤمن به الكتابة ثم الكتابة حتى تتوقف الأصابع عن الحركة.