ملامح تتآلف لتصنع صورة حية من الذكريات الخالدة في الأذهان، ومشهد إبداعي يعيد المخيّلة إلى أحداث بارزة من التاريخ، وروائح من أريج الماضي تفوح بها طوابع البريد وصناديقها القديمة وما تحيطها من تفاصيل، كل ذلك زخرت به أركان جناح دولة الإمارات في المعرض المصاحب لمؤتمر الاتحاد البريدي العالمي الذي اختُتمت أعماله أخيراً بمركز دبي التجاري العالمي.
وخلال جولة في موقع الحدث الذي تضمَّن متحف البريد، حرصت «البيان» على رصد جماليات المكان والإضاءة على جوانبه الثرية، حيث سجلت نقاطاً لامعة في قصصه الملهمة، واستمعت إلى سرد يحفل بالروعة، ويحتفي بحكايات هواية جمع طوابع البريد وأيقوناتها النادرة.
موروث تاريخي
وفي هذا السياق، أكد حميد الشامسي، مدير منتجات الطوابع البريدية في بريد الإمارات، أنه لا يزال هناك من يستخدم الطابع البريدي على الرغم من تراجع الاعتماد عليه في المراسلات عالمياً ومحلياً، وأن ثمة من لهم اهتمام بجمع الطوابع على سبيل الهواية، مشيراً إلى أن المعارض التي تقام بهذا الصدد تثبت ذلك بصورة واضحة، ما يجعل الطابع البريدي يشكِّل موروثاً تاريخياً يضيء على فعاليات الإمارات وعلاقاتها الدبلوماسية بغيرها من الدول.
وقال الشامسي: «على مرور الأزمان والفترات التاريخية، تعيدنا طوابع البريد إلى محافل وعادات وتقاليد قديمة، وإلى الآن حينما أطالع ما لديَّ من الطوابع أحرص على تأكيد قيمتها التاريخية والتراثية في نفوس أبنائي»، لافتاً إلى ما يستدعيه الطابع البريدي من ذكريات وإنجازات ومناسبات تظل خالدة في الوجدان.
وأوضح أن متحف البريد في جناح دولة الإمارات بالمعرض المصاحب لمؤتمر الاتحاد البريدي العالمي، الذي احتضنت دبي دورته الثامنة والعشرين، مبادرة هدفت إلى استعراض ماضي بريد الإمارات، منوهاً بما يتضمنه من صور قديمة للمكاتب البريدية، وصناديق إيداع البريد المستخدمة منذ حقبة الستينيات، وآلات موازنة الرسائل والطرود، وبعض الطوابع النادرة التي تحمل في طياتها وقائع مهمة من التاريخ.
إصدارات نادرة
وذكر أن الطوابع الأيقونية في الإمارات تنقسم إلى شقين: الطوابع المسحوبة التي وقعت فيها أخطاء إملائية، أو أخطاء متعلقة بذكر بعض المواقع، أو تلك التي سقط منها السعر، ما زاد قيمتها وأكسبها أهمية منفردة لدى هواة جمع الطوابع، مبيناً أن النوع الثاني هو الطوابع ذات التقنيات المميزة، كالتي صدرت في عام 2013 برائحة القهوة وما زالت تحتفظ بطبيعتها حتى اليوم، وكذلك الطابع الفائز بالمركز الثالث عالمياً بوصفه أفضل طابع ببذرة الغاف.
واستعرض حميد الشامسي مجموعة من إصدارات طوابع البريد النادرة، مثل الإصدار الذي أُطلق عام 2018 (عام زايد) بتوقيع سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، وإصدار مئوية الشاعر الإماراتي الراحل سلطان بن علي العويس عام 2025، وإصدار بمناسبة مرور 150 عاماً على نشأة الاتحاد البريدي العالمي، وإصدارات طوابع إكسبو دبي 2020، مشيراً إلى أنه تم إطلاقها في مقر إكسبو، وتميزت بتقنيات حديثة، وحملت توقيع معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش.
30 عاماً
وتحدَّث عبدالعزيز النعيمي، عضو وباحث في جمعية الإمارات لهواة الطوابع، عن تاريخ تأسيس الجمعية وانطلاق فكرتها من داخل البريد عام 1996 بقرار وزاري رقم (372)، موضحاً أن 6 من أعضاء مجلس إدارة الجمعية آنذاك كانوا بريديين، وأن عدد الهواة المسجَّلين الآن في الجمعية، التي قارب عمرها 30 عاماً، بلغ 200 عضو، في حين يربو عدد غير المسجلين على 800 هاوٍ.
وأكد النعيمي أن بدايات تأسيس الجمعية اتسمت بالقوة، وأن عشق الهواية هو ما دفع أعضاءها إلى الإبداع حتى خارج دولة الإمارات عبر مشاركاتهم في معارض دولية، منوهاً بأن أكبر إنجاز حققته جمعية الإمارات لهواة الطوابع هو نجاحها في الفوز باستضافة مؤتمر الاتحاد الدولي لهواة الطوابع بدبي في نسخته المقبلة خلال المدة (4 - 8 فبراير 2026)، وهو الحدث الذي سيقام أول مرة في الشرق الأوسط.
ولفت إلى أن الاتحاد الدولي لهواة الطوابع يشمل تحت مظلته 3 اتحادات: الآسيوي والأوروبي والأمريكي، تمثلها 92 دولة، وأن 75 دولة منها أكدت مشاركتها في حضور اجتماع المؤتمر المقبل، ما يعني أن نحو 83 % من إجمالي الدول ستكون حاضرة خلال هذه الفعالية المهمة في دبي، مؤكداً أن هذا المؤشر يدل على الثقة العالية التي تستشعرها الدول تجاه الإمارات من حيث جودة تنظيم الفعاليات.
وقال عبدالعزيز النعيمي: «إن هذا الاجتماع لن يكون مجرد مؤتمر عابر، بل هو احتفال بمئوية الاتحاد الدولي لهواة الطوابع ستحتضنه دبي، كما أن ذلك سيوافق احتفال جمعية الإمارات لهواة الطوابع بعقدها الثالث»، متوقعاً وصول عدد المشاركين في الحدث الاستثنائي إلى ألفي مشارك.
