منذ انضمام دبي إلى «شبكة المدن المبدعة»، التابعة لمنظمة اليونسكو عام 2017، تواصل الإمارة ترسيخ حضورها وتعزيز مكانتها مدينة عالمية للإبداع، مؤكدة التزامها العميق بتحويل الثقافة والفنون إلى محرك تنموي مستدام.
وفي هذا الاستطلاع الذي أعدته «البيان»، نسلط الضوء على رؤى قيادات ومؤسسات ثقافية بارزة أسهمت في رسم ملامح المشهد الإبداعي للإمارة، حيث تلتقي الاستراتيجيات الحكومية مع المبادرات المجتمعية والمساحات المستقلة في منظومة واحدة تؤكد مكانة دبي عاصمة عالمية للإبداع.
تنوع ثقافي
شيماء راشد السويدي، المدير التنفيذي لقطاع الفنون والتصميم والآداب في هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة»، ترى انضمام الإمارة إلى شبكة المدن الإبداعية يعكس تنوعها الثقافي وانفتاحها على العالم، مشيرة إلى جهود دبي في بناء اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار، وذلك بفضل امتلاكها بنية تحتية ذكية ومستدامة وبيئة استثمارية واعدة ومحفزة على الابتكار، ويعد انضمام الإمارة كأول مدينة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لشبكة اليونسكو للمدن الإبداعية، خطوة مهمة تعكس تفرد استراتيجياتها التي أسهمت في تعزيز تنوعها الاقتصادي، حيث تسعى الإمارة من خلال مشاركتها الدائمة في اجتماعات الشبكة الرئيسة والفرعية والمعارض والمؤتمرات المصاحبة لها، إلى ابتكار سياسات مؤثرة قادرة على الارتقاء بقطاع التصميم وبناء منظومة ثقافية متطورة، ودعم قوة الصناعات الثقافية والإبداعية التي تمثل محركاً أساسياً لنمو الاقتصاد الإبداعي، وهو ما يعزز قدرة الإمارة على استقطاب مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في الصناعات الثقافية والإبداعية، ويرسخ حضورها على الساحة العالمية مدينة جاذبة لأصحاب المواهب، والكفاءات المتميزة ورواد الأعمال والمستثمرين وتلبية متطلباتهم وتوفير ما يحتاجونه من فرص وتسهيلات تمكنهم من تحويل أفكارهم إلى مشاريع ناجحة تثري المشهد الثقافي المحلي، ما يبرز قدرة الإمارة على توطيد التبادل الثقافي ومد جسور التواصل مع المجتمعات الأخرى.
قطاع التصميم
ومنذ انضمامها للشبكة نجحت دبي في ترسيخ مكانتها وجهة رائدة للتصميم، وتمكنت من استقطاب الطاقات والكوادر الشابة المتميزة في هذا القطاع الذي توليه الإمارة اهتماماً لافتاً، حيث أطلقت «استراتيجية قطاع التصميم 2033» الهادفة إلى تعزيز نمو القطاع ورفع تنافسيته والارتقاء به نحو مستويات جديدة من التميز، كما تسعى عبر مبادراتها ومشاريعها النوعية إلى تطويره ودعم المؤسسات العاملة فيه، واستقطاب أهم المعارض والمؤتمرات العالمية المعنية بهذا المجال، كما تعمل على تهيئة بيئة تعليمية مستدامة قادرة على إتاحة الفرص أمام المصممين والمبدعين، وتشجيعهم على الاستفادة من أفضل الممارسات في هذا القطاع في تنمية قدراتهم وأعمالهم وأفكارهم.
«تشكيل»
أما بخيتة غانم، المدير العام لمركز «تشكيل»، فتؤكد أن مبادرات «تشكيل» تسهم في تمكين الفنانين والمصممين المحليين وتعزيز حضورهم على المستويين الإقليمي والدولي من خلال برامج متكاملة تدعم مسيرتهم الإبداعية، ومن أبرز هذه المبادرات «برنامج الممارسة النقدية»، وهو برنامج احترافي طويل المدى يوفر للمشاركين إرشاداً متخصصاً ونقداً بنّاءً وتواصلاً مع خبراء محليين ودوليين، ما يساعدهم على تطوير ممارساتهم الفنية، وصقل رؤيتهم الإبداعية وفق أعلى المعايير العالمية.
وأضافت: كما يبرز «تنوين»، برنامج التصميم السنوي الذي يقدمه «تشكيل» كونه منصة رائدة لتمكين المصممين الناشئين من تحويل أفكارهم إلى منتجات عملية مبتكرة، مستندة إلى البحث والتجريب والتعاون مع خبراء الصناعة.
ومن خلال هذا البرنامج، يتم إبراز إبداعات التصميم الإماراتي على المستوى العالمي، ما يعزز حضور دبي وجهة للإبداع في مجال التصميم، إلى جانب ذلك، يوفر «تشكيل» برامج إقامة ومعارض وفرص عرض محلية، إضافة إلى مبادرات مجتمعية تسهم في إشراك الجمهور وتعزيز الحوار الثقافي. وأردفت: إن دور «تشكيل» لا يقتصر على دعم الفنانين فقط، بل يمتد ليكون شريكاً في رسم ملامح المشهد الثقافي والإبداعي في دبي، وتعزيز مكانتها وجهة عالمية للإبداع والفنون.
السركال أفنيو
وفي السياق نفسه، تعد بسمة البيطار، مديرة السركال أفنيو، المساحات الإبداعية مساحة حاضنة تجمع الفنون والثقافة والريادة الإبداعية في السركال أفنيو، وترى في المجتمع نموذجاً حياً يعكس ازدهار هذه المجالات المختلفة معاً، مضيفة: منذ أكثر من عقد، لم نتردد بدعم الأفكار الإبداعية الخارجة عن المألوف، وآمنّا بالفنانين، والمصممين، وصانعي الأفلام، والمفكرين، والرواد والرائدات من أصحاب الأعمال الذين يقدمون قصصاً عن دبي.
وتابعت: ما يميز السركال أفنيو هي المساحة المشتركة التي تجمع المبدعين والروّاد، فهذا القرب يوفر أرضاً خصبة لازدهار الشراكات، وتبادل الأفكار، والابتكار؛ حيث شهدنا أفكاراً محلية تنمو لتصل منصات عالمية، من شركات التصميم، ومجموعات الفنون الأدائية، إلى «جاليريهات» فنون جديدة تدعم الفنانين من المنطقة.
وتابعت: لا يمكن أن ينمو الاقتصاد الإبداعي في عزلة؛ فهو يحتاج البنى التحتية، والرؤى، والأهم من ذلك المجتمع، لذا، مع استمرار دبي بالاستثمار في المستقبل الثقافي للمدينة، من الضروري أن تبقى المبادرات المستقلة مثل السركال أفنيو في مركز هذا التطور.
وإن إدراج دبي ضمن شبكة المدن الإبداعية لليونسكو هو شهادة على ما هو ممكن عندما تلتقي الطموحات الإبداعية بالرؤى طويلة الأمد، ونحن ممتنون لقيادة دبي التي أدركت مبكراً قيمة الثقافة كونها محركاً للتقدم.
