شهد العالم مؤخراً بثاً غامضاً عبر موجات الراديو القصيرة من محطة روسية تعود إلى زمن الحرب الباردة، حيث أرسلت إشارة جديدة مشفّرة حيّرت وكالات الاستخبارات والهواة على حد سواء، بعد عقود من اعتقاد الكثيرين أن هذه المحطات أصبحت من الماضي.

المحطة المعروفة باسم UVB-76 أو «الطنّان» (The Buzzer)، هي إذاعة سوفييتية قديمة لم يُكشف قط عن وظيفتها الرسمية، لكنها ما زالت تبث من عمق الأراضي الروسية حتى اليوم.

رسالة غامضة تبث في 8 سبتمبر 2025

الرسالة الأخيرة، التي التُقطت في 8 سبتمبر، تضّم مزيجاً غريباً من أسماء روسية مثل: نيكولاي، جينيا، تاتيانا، إيفان، أولغا، إيلينا، ليونيد، وأرقام متفرقة مثل: 38، 965، 78، 58، 88، 37، إلى جانب عبارات مبهمة مثل: «إشارة ضعيفة»، «خمسة علامات»، و«استقبال».

وسائل الإعلام الروسية، بينها قناة RT، ربطت هذه الشيفرة بنداء «NZHTI» الذي سبق أن ارتبط بمحطة UVB-76. لكن المنشور الذي بثّته القناة عبر منصة X (تويتر سابقاً) لم يكن متاحاً داخل الاتحاد الأوروبي بسبب القيود المفروضة على وسائل الإعلام الروسية.

اللافت أن هذه الرسالة هي الأولى منذ أشهر طويلة التي تحتوي على مزيج من الأسماء والتعليمات الظاهرة، وقد أُعيد بثها مرتين في اليوم نفسه، وهو نمط نادر تاريخياً غالباً ما يرتبط بمراحل توتر عسكري أو جيوسياسي.

جذور المحطة تعود إلى الحرب الباردة

بدأ تشغيل UVB-76 بشكل مستمر منذ منتصف السبعينات على تردد 4625 كيلوهرتز، حيث تبث عادة صوت طنين متواصل يتخلله أحياناً بث صوتي لأسماء أو أرقام أو عبارات برتابة آلية على لسان رجال ونساء.

وبحسب موقع Priyom.org المتخصص في مراقبة المحطات الغامضة، فإن UVB-76 مرتبطة على الأرجح بشبكة اتصالات عسكرية تابعة للمنطقة العسكرية الغربية في روسيا، وتُقسّم رسائلها إلى ثلاثة أنماط رئيسية: «مونوثليث»، «أوزور»، و«كوماند»، يُعتقد أنها مرتبطة بمستويات أو أنواع مختلفة من العمليات العسكرية.

رغم عقود من التحليلات، تبقى مهمة هذه الإذاعة غامضة، وسبق أن رجّح بعض الباحثين ارتباطها بنظام الردع النووي الروسي المعروف بـ«اليد الميتة»، دون أن تظهر أي تأكيدات رسمية من موسكو.

فوضى متعمّدة أم حرب نفسية؟

تشير بيانات Priyom.org إلى أن بث «الطنّان» يُدار من مواقع قرب سانت بطرسبورغ وموسكو، ما يجعلها عرضة لتسرب إشارات على ترددات موازية، ويزيد صعوبة فك الشفرات. وتعتبر الباحثة ناتاليا توشكوفا أن بعض الرسائل قد تكون غامضة عمداً كجزء من حرب نفسية لإرباك الخصوم، أكثر من كونها وسيلة للتواصل.

خلافاً لمعظم «محطات الأرقام» الغربية التي توقفت مع نهاية الحرب الباردة، لم تتوقف UVB-76، بل صعد نشاطها منذ عام 2010 بالتزامن مع إعادة هيكلة الجيش الروسي واندلاع أزمات إقليمية جديدة.