تشهد دور العرض المصرية هذا الصيف موجة جديدة من الأفلام ذات الطابع التجاري، حيث يسيطر هذا اللون السينمائي على الموسم بشكل لافت، فيما تركز الأعمال المطروحة بالأساس على عنصر الإبهار والضحك والدراما الخفيفة، في محاولة لجذب أكبر شريحة من الجمهور الباحث عن المتعة الوقتية، بعيداً عن الأفكار الصعبة أو الرسائل العميقة.

ورغم أن هذا الاتجاه ليس بجديد على السينما المصرية، فإنه يثير تساؤلات حول مدى قدرة الصناعة على المزج بين الجانب الترفيهي والجانب الإبداعي، خاصة أن المشهد السينمائي المحلي يعاني من قلة الإنتاج، مقارنة بالأسواق العالمية.

سمة واضحة

وتؤكد الناقدة حنان شومان أن الأفلام التجارية في مصر ليست حكراً على عام 2025، وإنما هي سمة واضحة للسينما في السنوات الأخيرة.

شومان ترى، في تصريحات لـ «البيان»، أن هذه النوعية من الأفلام تركز على «المتعة الوقتية فقط»، موضحة أن الظاهرة لا تخص مصر وحدها، بل السينما العالمية أيضاً، لكنها تبدو أوضح محلياً، بسبب ضآلة حجم الإنتاج.

وأضافت أن المنصات الرقمية تمثل فرصة جيدة لتقديم أفلام ذات رسائل وأفكار عميقة، بعيدة عن المتعة السريعة، معتبرة أنها قد تخلق نوعاً من التوازن في السوق السينمائي، أمام هيمنة الأفلام التجارية.

ظاهرة متجددة

أما الناقدة فايزة هنداوي، فأشارت إلى أن الاتجاه نحو السينما التجارية ممتد منذ سنوات طويلة، معتبرة أن بداياته تعود إلى أواخر التسعينيات، مع موجة ما عرف بـ «السينما النظيفة».

وأوضحت لـ «البيان»، أن أفلام تلك المرحلة، مثل صعيدي في الجامعة الأمريكية وما تلاه، وحتى أعمال مثل عمر وسلمى، اعتمدت على الكوميديا أو الرومانسية السطحية.

وبحسب ما أكدت هنداوي، فهذا المسار استمر حتى اليوم، باستثناء بعض المحاولات الفردية، التي قدمت أعمالاً مميزة ومؤثرة، جاءت غالباً من مخرجين بارزين، مثل داوود عبد السيد وخيري بشارة، ثم لاحقاً من أسماء مثل محمد ياسين وكاملة أبو ذكري، لكنها شددت على أن المشهد العام ظل منحازاً للأفلام التجارية.

تجارب سينمائية مختلفة

من جانبها، رأت الناقدة ماجدة موريس أن وجود الأفلام التجارية في السينما المصرية أمر طبيعي، حيث لم يخلُ أي موسم صيفي أو شتوي من هذه النوعية.

لكنها لفتت إلى أن السنوات الأخيرة شهدت بعض التراجع في هذا الاتجاه، مع بروز أعمال مختلفة، تنتمي إلى نوعية أخرى من السينما. وأشارت موريس، في تصريحات لـ «البيان»، إلى أن العام الحالي تحديداً شهد إنتاج أكثر من فيلم يبتعد عن التصنيف التجاري، وفي مقدمها فيلم «رحلة البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي وصفتْه بأنه يقدم رسائل غير مباشرة، بعيدة كل البُعد عن السطحية المعتادة.

قيمة ورسالة

ذكرت موريس أن مثل هذه المحاولات، تمنح الأمل في إمكانية كسر النمطية التي فرضتها الأفلام التجارية لسنوات، مشددة على أهمية دعم التجارب السينمائية التي تحمل قيمة ورسالة، حتى تظل الصناعة قادرة على التطور ومواكبة أذواق جميع شرائح الجمهور. وبين تباين الآراء، يظل المؤكد أن السينما المصرية في موسم الصيف، ما زالت تراهن بالدرجة الأولى على الأفلام التجارية، مع بقاء الأمل في بروز أعمال مغايرة، تضيف للتجربة السينمائية وتمنحها عمقاً يتجاوز حدود الترفيه السريع.