في وقت تبدو فيه حركة كوكب الأرض مستقرة منذ ملايين السنين، يكشف العلماء عن سيناريو مقلق قد يغيّر شكل الحياة على الكوكب رأساً على عقب، التحذير يتعلق بتسارع دوران الأرض حول محورها، وهو أمر نادر لكنه إن حدث قد يفضي إلى كوارث طبيعية غير مسبوقة، من فيضانات عارمة إلى زلازل مدمرة وأعاصير بالغة القوة.

تغيرات في المحيطات والمد والجزر

وفقاً لتقرير نشرته مجلة New Scientist، فإن أول النتائج المباشرة لتسارع دوران الأرض ستكون في المحيطات. فالقوة الطاردة المركزية الناتجة عن زيادة السرعة ستدفع بالمياه نحو خط الاستواء، ما يؤدي إلى تمدد المحيطات هناك وغمر مساحات واسعة بالمياه، خصوصاً في المناطق الاستوائية. في المقابل، قد تنخفض مستويات البحر عند القطبين.

البروفيسور دنكان أغنيو من جامعة كاليفورنيا بسان دييغو أوضح أن أي تغير ملحوظ في سرعة الدوران كفيل بتغيير أنماط المد والجزر بشكل غير متوقع، ما يهدد النظم البيئية الساحلية والبنية التحتية في المدن الممتدة على الشواطئ.

نشاط زلزالي أكثر خطورة

التأثير لن يتوقف عند البحار، إذ تشير التقديرات إلى أن الضغوط الناتجة عن تسارع الدوران قد تدفع قشرة الأرض إلى مزيد من التشققات، ما يؤدي إلى زيادة النشاط التكتوني. النتيجة المحتملة هي زلازل أكثر قوة وتكراراً في مناطق مختلفة من العالم. هذا التحول قد يضاعف المخاطر على الدول الواقعة فوق أحزمة زلزالية نشطة أصلاً.

أعاصير وطقس متطرف

الأخطر ربما يتمثل في الظواهر المناخية. فمع تسارع دوران الكوكب، ستزداد قوة تأثير كوريوليس المسؤول عن حركة الأعاصير، ما يعني أن العواصف المدارية قد تصبح أسرع وأكثر عنفاً. الفلكي ستان أودينوالد من وكالة ناسا حذر من أن الأعاصير في هذا السيناريو "ستحمل طاقة أكبر وتسبب دماراً أوسع"، ما يعرض المدن الساحلية لمخاطر غير مسبوقة.

تأثير على الجاذبية وحياة البشر

تسارع الدوران سيترك أيضاً أثراً مباشراً على الإنسان. فمع ارتفاع السرعة، ستضعف الجاذبية تدريجياً نتيجة القوة الطاردة المركزية، ما يجعل الأشخاص يشعرون بخفة في الوزن. ورغم أن الفكرة تبدو أقرب إلى الخيال العلمي، إلا أن استمرار التسارع عند معدلات عالية قد يؤدي إلى فقدان الأرض قدرتها على تثبيت الأجسام فوق سطحها.

الواقع: الأرض تتباطأ لا تتسارع

ورغم هذه السيناريوهات المقلقة، يؤكد العلماء أن الواقع مختلف تماماً. فالأرض تبطئ دورانها تدريجياً منذ مليارات السنين، إذ كان طول اليوم قبل مليار عام لا يتجاوز 19 ساعة. ويرى الخبراء أن أي تسارع حقيقي يتطلب تغييرات ضخمة في مدار القمر أو زخم الأرض الزاوي، وهو أمر لم يُسجل في التاريخ المعروف للكوكب.

بمعنى آخر، تبقى هذه الفرضيات نظرية بحتة، لكنها تكشف كيف يمكن لتغيرات بسيطة في دوران الأرض أن تقلب موازين الطبيعة وتعيد رسم ملامح الحياة على كوكبنا.