تتميز دبي ودولة الإمارات بمبادراتها التنموية البشرية والثقافية المعرفية والاقتصادية والمجتمعية، المتفردة عالمياً، إذ أطلقت وتطلق مجموعة مشروعات ومناهج عمل نوعية، تكفل تطوير الإمارات، وتعزز خير ورفاه البشرية جمعاء.
ومن المؤكد أن من بين أبرزها، مبادرات تعزيز ثقافة الاستدامة في المجتمع، في جميع المضامير، والتي أصبح أبناء الدولة يحملون رسالتها، كونها واجباً ونهجاً وشعاراً حياتياً راسخاً، باذلين في السبيل أقصى الجهود، وأثمن الإمكانات، لما لهذه المبادرة من قيمة ومكتسبات وطنية وإنسانية عامة.
ويعد الباحث التراثي والمهندس، أيوب الزرعوني، أحد النماذج الشابة التي تعكس روح دبي المتجددة في الحقول الإبداعية كافة، إذ يحرص بأعماله المنهجية البحثية والمهنية، على ترسيخ ثقافة وفكر الاستدامة، وأهميتها في حياتنا، وذلك في المجالات كافة: (الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والمعرفية و...). وقد بدأ أيوب مسيرته، كما يقول في مقابلة مع «البيان»، معتنياً بتوسيع أطر ثقافة الاستدامة في المجتمع، وتعزيز المعرفة بها، ذلك إلى جانب عمله في قطاع الطاقة مهندس كهرباء، حيث انشغل بتفاصيل الشبكات والتشغيل وتحليل الأعطال. وها هو يعتزم، حالياً، تأسيس منصة إلكترونية متخصصة، تعزز نشر ثقافة الاستدامة، وتعزز معارف وأفكار الشباب الإماراتي.
إذ سيوظف أيوب من خلالها، كما يؤكد، جميع خبراته وتجاربه وأبحاثه ومعارفه أثناء مسيرته المهنية، والتي امتدت قرابة العشر سنوات، انتقل بين عدة مسميات وظيفية داخل القطاع، ساعياً إلى تنويع تجاربه، وتوسيع مداركه، من العمل الفني إلى أدوار إشرافية وتدريبية، واظب على الاستزادة الثقافية والتفكير في أعمال تثقيفية متنوعة. وهذا التنقل لم يكن مجرد تبديل مسميات، بل كان منهجاً متعمداً لصناعة شخصية عملية متكاملة، تجمع بين العمق الفني، والخبرة الإدارية، والقدرة على القيادة.
تنوع وثراء
يفخر أيوب بأن هذا التنوع في الخبرات والثراء الثقافي المجتمعي، وفي حقل الاستدامة، فتح أمامه الأبواب، ليكون أحد أعضاء الدفعة الأولى من سفراء الاستدامة الشباب في حكومة دبي، وهو برنامج يستهدف تمكين الكفاءات الإماراتية الشابة لإعادة صياغة مستقبل مستدام. وهو ينوي أن ينشر ملامح ومحاور مهمة في أعماله وممارساته عبر نشاطاته التثقيفية والإعلامية المعتزمة، حسب ما يوضح في المقابلة، وعلى رأسها تطويره مفهوماً فكرياً حمل عنوان «الاستدامة المُعادة التعريف»، والذي يقوم على تحويل الاستدامة من شعارات وسياسات، إلى ممارسات حياتية ملموسة، يعيشها الأفراد في يومهم العادي.
وتؤكد رؤيته هذه أن الاستدامة لا تقتصر على الطاقة والبيئة، بل تمتد إلى تفاصيل الثقافة والفكر والتعليم.. والغذاء الصحي، والممارسات الرياضية، والعناية بالصحة النفسية، وحتى أسلوب التفكير. وقد قدّم هذا المفهوم على منصات دولية كبرى، مثل مؤتمر الأطراف COP28، ومعرض WETEX، حيث لقي صدى واسعاً.
شغف خاص
يحمل أيوب شغفاً خاصاً بتطوير شخصيات الأفراد، وتنمية معارفهم وملكاتهم. ويبين أيوب أن هذا الشغف دفعه إلى الحصول على اعتماد كمدرّب ومحاضر معتمد، وهو انتقال استراتيجي من العمل الفردي إلى التأثير الجماعي. من خلال برامجه التدريبية، لم يكتفِ بنقل المعرفة، بل ركّز على بناء الثقة، وتعزيز روح التعاون، وترسيخ مفهوم «الريادة الداخلية – Intrapreneurship» داخل المؤسسات الحكومية.
ويرى أيوب أن الانتقال بين المسميات الوظيفية، كان أساسياً في صقل مهاراته كمدرّب، فكل تجربة منحتْه منظوراً جديداً: من إدارة الأزمات التشغيلية، إلى بناء فرق العمل، إلى تصميم الأنظمة التدريبية.
أثر وقصص
ما يميز مسيرة أيوب، ليس فقط المنصات التي شارك فيها، أو البرامج التي صمّمها، بل الأثر المباشر الذي صنعه على الأفراد. فهو يؤمن، حسبما يؤكد في المقابلة، أن التنمية الحقيقية تقاس بالتحولات الصغيرة (موظف وجد في جلسة تدريبية معنى جديداً لعمله، شاب أعاد النظر في عاداته الغذائية بعد ندوة توعوية، أو فريق شعر بروح تعاون أقوى بعد ورشة تدريبية). إن هذه القصص، في نظره، هي الثمار الحقيقية لأي مشروع.
رؤية ورسالة
ويختم أيوب حديثه شارحاً رؤيته ورسالته:
«رحلتي المهنية لم تكن انتقالاً بين وظائف، بقدر ما كانت انتقالاً بين تجارب وميادين ثقافية ومعرفية. فكل مسمى وظيفي، كان نافذة جديدة للتعلم، وكل مرحلة أضافت بعداً لرؤيتي. اليوم، أرى أن رسالتي تتجاوز حدود التخصص إلى بناء الإنسان. فالبحث والثقافية والهندسة، حقول علمتني النظام والاستدامة، ومنحتني الرؤية، وأما التدريب، فمكّنني من التأثير».
