نظمت ندوة الثقافة والعلوم بالتعاون مع القنصلية العامة لجمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية محاضرة بعنوان «العلاقات الثقافية العربية الإثيوبية» للدكتور آدم كامل، بحضور السفير أكليلوا كيبيدي، قنصل عام القنصلية العامة للجمهورية الإثيوبية، وبلال البدور، رئيس مجلس إدارة الندوة، وعلي عبيد الهاملي، نائب الرئيس، ود.صلاح القاسم، المدير الإداري، وجمال الخياط، المدير المالي، وجمع من المهتمين. أدار المحاضرة د.محمد فارس الفارس، أستاذ التاريخ السابق في جامعة الإمارات، وأكد أن إثيوبيا أو (بلاد الحبشة) كما كان يطلق عليها في السابق، تعتبر من أهم البلدان الأفريقية التي كان لها علاقات ثقافية وتجارية منذ ما قبل الميلاد مع كثير من الدول التي شكلت العالم العربي حالياً.

حضور

وأضاف الفارس: على الرغم من تعدد اللغات في إثيوبيا التي يتجاوز تعداد سكانها 120 مليون نسمة، إلا أن اللغة العربية شكلت حضوراً قوياً وعلاقات تليدة وتاريخاً عريقاً أثبتته النقوش والمخطوطات، فضلاً عن المعاملات التجارية التي عززها الإسلام منذ أن حط الصحابة، رضوان الله عليهم، رحالهم في أرض الحبشة عام 615 ميلادية.

وأشار الفارس إلى أن أول كتابة عربية وصلت الحبشة هي رسالة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى الملك النجاشي يدعوه فيها إلى الإسلام، حيث تعتبر الحبشة أول أرض أفريقية عرفت الإسلام عندما أمر الرسول، صلى الله عليه وسلم، أصحابه بالهجرة إلى الحبشة، حيث أحسن ملكها النجاشي معاملتهم ورفض تسليمهم إلى قريش.

وقدم المحاضرة البروفيسور الإثيوبي آدم كامل، وله العديد من المؤلفات، منها كتاب «سيرة الملك العادل أصحمة النجاشي ودوره في صدر الإسلام»، وكتاب عن الهجرة الإسلامية إلى الحبشة أهدافها ونتائجها، وأسس دار نشر ومجلة باسم القرن الأفريقي.

وأكد البروفيسور كامل عمق العلاقات العربية الإثيوبية التي احتضنت الهجرة الإسلامية في بدايتها، وأشار إلى أن أمن استقرار الحبشة وإثيوبيا هو جزء من أمن واستقرار المنطقة العربية التي اختلط فيها الشعب الإثيوبي مع الشعوب العربية على مر التاريخ، والتي أسس لها العلاقات الشعبية قبل ظهور الإسلام، حتى جاء الإسلام وأزال الرق وخلق روحاً من التساوي بين مختلف الشعوب.

تمازج

وأشار إلى التمازج الذي حدث بين المهاجرين عند ظهور الإسلام والشعب الإثيوبي أو أهل الحبشة، التي كانت مأوى لكل من اضطهد في مختلف بقاع العالم، كما استقبلت أتباع الحسين بعد مقتله، وما زالت تحتضن الكثير، حتى خدمة الحرمين الشريفين آلت إلى الأغوات، وهم من أصول حبشية.

والحبشة معناها الخليط، أي الدولة التي تجمع خليطاً من الشعوب والأجناس المختلفة، أي الدولة التي يتناغم ويتعايش فيها مختلف الأجناس، والحبشة منذ ظهور الإسلام وما قبله كان لها حضور في الجزيرة العربية، حيث كانت أم أيمن «بركة بنت ثعلبة الحبشية» حاضنة النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، ومربيته، وهي زوجة الصحابي زيد بن حارثة، وأم أسامة بن زيد.

ورثها النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، عن أبيه، ثم أعتقها، فبقيت ملازمة له طيلة حياته.

وكانت أم أيمن من ضمن الأشخاص الذين كانوا ضمن حملة أبرهة على الكعبة، وأسرت أسرتها وبقيت في مكة.

كذلك بلال بن رباح الحبشي هو وأسرته كانوا من عتقاء مكة في بداية الإسلام. وأضاف البروفيسور: عندما أشار رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على أصحابه بالهجرة الأولى إلى الحبشة، حيث يوجد فيها ملك عادل صالح لا يظلم، وهي أرض صدق، وكان النجاشي عالماً بالتوراة والإنجيل، وعلى علم بالدعوة الإسلامية، وبالفعل حماهم النجاشي ورفض تسليمهم إلى قريش واندمجوا مع أهل الحبشة، وذلك في الهجرتين الأولى والثانية.

وأشار إلى وجود كثير من الدراسات حول العلاقات العربية الإثيوبية تحتاج إلى ترجمة ومراكز بحثية تثبت عمق العلاقات ورسوخها وأهميتها، وخاصة مع وجود كثير من الباحثين الإثيوبيين في علم اللغة والدراسات الإسلامية، وذكر أن هناك محاولات لإنشاء مركز بحثي خاص بالدراسات الإسلامية والعربية.