ودّع لبنان، أمس، الفنان المسرحي والموسيقي زياد الرحباني، الذي توفي السبت الفائت، عن 69 عاماً. وشهد مراسم وداع زياد، حضور الفنانة اللبنانية فيروز، والدته، وذلك لأول مرة تظهر فيها بمناسبة عامة منذ سنوات. كما حضرت المراسم سيدة لبنان الأولى، نعمت عون، وعدد من الشخصيات الرسمية والفنانين.

وأقيمت المراسم في كنيسة رقاد السيدة في المحيدثة بكفيا في محافظة جبل لبنان، حيث وصلتها فيروز متشحة بالسواد، تضع نظارة شمسية على عينيها، وبرفقتها ابنتها ريما الرحباني وأختها الفنانة هدى حداد.. وعدد كبير من أفراد عائلة الرحباني.

وقد توفي زياد في أحد المستشفيات بعد صراع مع مرض الكبد، بعد أن أثرى الساحة الغنائية والمسرحية بأعمال شكلت علامات فارقة في المجال الفني.

وتجمّع المئات من محبيه صباح أمس، أمام أحد مستشفيات بيروت لمواكبة نقل جثمانه إلى منطقة جبلية شمالي شرقي بيروت أقيمت فيها مراسم دفنه بعد الظهر، وكان أكثر من ألف من محبي الرحباني، أمام مستشفى «بي أم جي» منذ ساعات الصباح الأولى بعدما تداعوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومجموعات الدردشة.

وأحضر كثر من هؤلاء وروداً بيضاء وحمراء وباقات أزهار، وحمل عدد منهم صوراً للرحباني كُتب على بعضها «بَلا وَلا شي.. بحبّك»، في إشارة إلى عنوان إحدى أغنياته.

وراح الحاضرون يتبادلون التعازي، في حين صدحت ألحان الراحل وصوته عبر سيارات كانت تمر في الشارع، ثم تحلقت مجموعة من المشاركين راحوا ينشدون أغنيات الراحل، ومنها «لأول مرة ما منكون سوا»، باكورة ألحانه لوالدته فيروز.

ولدى خروج السيارة المخصصة لنقل الجثمان من المستشفى يتقدمها درّاج من الشرطة، علا التصفيق على وقع قرع أجراس كنيسة المنطقة، وراح الحاضرون الذين أجهش كثر منهم بالبكاء ينثرون عليها الأزهار والأرز، ويطلقون الزغاريد، وكذلك فعل آخرون من على شرفات منازلهم في هذه المنطقة التي كان الرحباني يسكن قريباً منها، وأقام الاستديو الخاص به فيها، ويمضي وقته في مقاهيها.

وطالب البعض بإخراج النعش من السيارة لتمكين المتجمعين من إلقاء النظرة الأخيرة عليه وحمله والطواف به في المنطقة العزيزة على قلب الراحل.

وكرر متجمعون دعوات تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي في اليومين الأخيرين بإعلان الحداد الوطني وتنكيس العلم اللبناني نظراً إلى مكانة الراحل.

واشتهر الرحباني بمسرحياته التي أنتجها خلال الحرب الأهلية اللبنانية (1975 - 1990) وسخر فيها من واقع سياسي اجتماعي شديد التعقيد.

وحظي بشعبية واسعة بين كل فئات الشعب اللبناني. ومَن لم يتسنَّ له حضور هذه الأعمال في الشطر الغربي من بيروت، حيث كان زياد يقيم، بسبب انقسام العاصمة اللبنانية حينها بين طرفي النزاع، استمع إلى تسجيلات لها على أشرطة كاسيت كانت منتشرة بكثافة، وكان سكان بيروت الشرقية الموالون للمعسكر السياسي والعسكري المواجه للأحزاب اليسارية يحفظون نصوص هذه المسرحيات عن ظهر قلب.

وكان زياد الرحباني، المولود في الأول من يناير 1956، كاتباً وملحناً وموسيقياً ومسرحياً. وبدأ مسيرته الفنية مطلع سبعينيات القرن العشرين مع مسرحية «سهرية».

وحصدت مسرحياته في السبعينيات والثمانينيات نجاحاً كبيراً، وقد اختصر فيها مشاكل المجتمع اللبناني وطوائفه التي كانت تغذّي آنذاك نار الحرب الأهلية. ولحّن أغنيات كثيرة، قسم كبير منها لوالدته فيروز، ولغيرها من الفنانين الذين عملوا معه.