برحيل الملكة الأم سيريكيت، أم ملك تايلاند، عن عمر ناهز 93 عاماً، تفقد تايلاند رمزاً للمكانة الاجتماعية والعمل الخيري والتراث الوطني، شخصية تجاوز دورها حدود القصر لتصبح «أم تايلاند» التي وحدت القرويين والمدن تحت مظلة مشاريعها الطموحة.
رمز الأمومة والفضيلة
لُقبت الملكة سيريكيت بـ«ملكة القلوب» و«أم الشعب»، وقد تركت بصمة عميقة في المجتمع التايلاندي، لا سيما بين الفئات الريفية والمحرومة، وتقديراً لدورها رمزاً للأمومة والفضيلة، تم إعلان يوم ميلادها، 12 أغسطس، عيداً وطنياً للأم في تايلاند منذ عام 1976، وهو تقليد مستمر حتى اليوم.
وعلى مدى عقود كانت الملكة ترافق زوجها الملك بوميبول أدولياديج (راما التاسع) في زيارات منتظمة للمناطق الريفية والقرى النائية، هذا الوجود المباشر أسهم في تعزيز الروابط بين العائلة المالكة والشعب، وساعد في تحديد الاحتياجات الحقيقية للمجتمعات الفقيرة.
وشاركت الملكة بفاعلية في مبادرات لدعم التعليم وتحسين وضع المرأة في تايلاند، وعملت على تمكين المجتمعات الريفية اقتصادياً واجتماعياً.
سفيرة الحرير التايلاندي
كانت الملكة سيريكيت قوة دافعة وراء إحياء وتنشيط الصناعات الحرفية التقليدية في تايلاند، ما كان له أثر اقتصادي مباشر على القرويين وتعتبر مؤسسة «دعم» واحدة من أبرز مشاريعها تأسست بهدف تشجيع والترويج للحرف اليدوية والمهن الإضافية لسكان القرى، ما يوفر لهم مصادر دخل مستدامة، ويحد من الهجرة إلى المدن، كما اشتهرت الملكة عالمياً بأناقتها وذوقها الرفيع.
وقد استخدمت هذه المكانة لتعزيز صورة الحرير التايلاندي، حيث تعاونت مع مصمم الأزياء الفرنسي الشهير بيير بالمان لتصميم أزياء ملكية تخطف الأنظار مصنوعة من الحرير المحلي، هذا التعاون وضع الحرير التايلاندي على خريطة الموضة العالمية، ما رفع من قيمته الاقتصادية وأسهم في حفظ هذه الحرفة التراثية.
الترويج للبيئة
شاركت في مشاريع بيئية ومبادرات للحفاظ على التنوع البيولوجي والطبيعة في تايلاند، والتي كانت جزءاً من تغطية الأخبار الملكية اليومية، ولم يقتصر تأثير الملكة سيريكيت على تايلاند، بل امتد ليتلقى تقديراً دولياً لدورها الإنساني، حيث مثلت الملكة تايلاند في مناسبات دولية عدة، و جذبت الأضواء بجمالها وأناقتها وأسهمت في تعزيز الصورة الإيجابية للملكية التايلاندية على الساحة العالمية.
حصلت على العديد من الجوائز والأوسمة الدولية تقديراً لجهودها الإنسانية والاجتماعية، منها: «ميدالية منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO)» في عام 1979 تقديراً لجهودها في تمكين المرأة، «جائزة الإنسانية الدولية» من مؤسسات أمريكية مختلفة تقديراً لمساهماتها الإنسانية.
وظلت سيريكيت رمزاً للثبات والعمل الخيري، وقد أدى غيابها عن المشهد العام منذ إصابتها بجلطة دماغية في عام 2012 إلى زيادة الشوق والتقدير لدورها الكبير الذي استمر لأكثر من سبعة عقود.
