في المدن الصينية التي تتلألأ فيها ناطحات السحاب، غالباً ما يعتبر النجاح مرادفاً للبريق والمؤسسات الكبرى. لكن، تبرز تسنغ منغ (Zeng Meng)، المعروفة بلقب «فتاة الجبل»، لتقدم نموذجاً اقتصادياً مختلفاً، يقلب المفاهيم التقليدية رأساً على عقب.
رائدة أعمال فنية رقمية
لم تعد تسنغ مجرد فنانة شوارع تسعى للصدقة؛ لقد أصبحت رائدة أعمال فنية رقمية، حولت حرمانها الشخصي إلى أصل رأسمالي يدر الدخل ويخلق القيمة. ثيابها الرثة وأقدامها الحافية، التي قد يراها البعض دليلاً على الفاقة، هي في الحقيقة إكسسوارات لعلامة تجارية تتسم بأعلى درجات الأصالة والصدق، وهي السلعة الأكثر ندرة والأغلى ثمناً في عالم المحتوى الرقمي المصنوع.
من الظل إلى الأضواء
اكتسبت «فتاة الجبل» شهرتها بفضل مقاطع الفيديو التي انتشرت بشكل واسع على منصات مثل دوين (Douyin - النسخة الصينية من تيك توك). المتابعون لا ينجذبون فقط إلى الغموض الذي يحيط بها، بل إلى التناقض الصارخ بين مظهرها المتواضع وبين الأداء الفني القوي والمحترف في كثير من الأحيان. هذا التناقض هو ما جعل قصتها محط إعجاب وجدل؛ فهل هي فنانة حقيقية تختار هذا الأسلوب الفني الجريء، أم أنها ضحية لظروف صعبة؟
القيمة الاقتصادية للأصالة
يعتمد اقتصاد «فتاة الجبل» على التفاعل المباشر بين الفنان والجمهور عبر الإنترنت. فمن خلال منصات البث المباشر ومقاطع الفيديو، أصبح كل أداء في الشارع هو في الواقع بث عالمي يتخطى حدود الرصيف الضيق. لتصل التبرعات والدعم المادي مباشرة إلى الفنان، ما يلغي دور وكلاء الأعمال وقاعات العرض التقليدية، ويزيد من حصة الفنان من العائدات.
تثبت تسنغ منغ أن الأدوات الوحيدة اللازمة للانطلاق هي الموهبة العارية والصدق الجريء، وليس رأس المال أو العلاقات. هذا يفتح الباب أمام الملايين من الكادحين والمهمشين في الصين لإعادة النظر في إمكانياتهم الإبداعية.
إعادة تعريف «الثروة»
وعملت مغنية الشوارع تسنغ منغ (Zeng Meng)، على إعادة تعريف «الثروة، ليست الثروة هنا في جمع المال فقط، بل في امتلاك السرد الخاص والقدرة على تحويل قصة الكفاح الشخصي إلى مصدر إلهام عام يمكن تسويقه. إنها تحول الرصيف من مكان للتسول إلى «منجم» يتم استخراج الأمل منه، القيمة الأهم في زحام المدن». لتصبح، «فتاة الجبل» دليلاً حياً على أن الاقتصاد الإبداعي الحديث يمكن أن يبنى على الصدق، وأن الأكثر فقراً في المظهر قد يكونون الأكثر ثراءً في القيمة والتأثير.
