في عالم أعماق البحار الغامض، حيث تتوارى الكائنات الأغرب، كشف العلماء عن سر غريب ومثير للدهشة «أسماك القرش الشبح»، أو ما يُعرف بـ«الكيميرا»، تنمو أسنانها على جباهها! هذا الاكتشاف، الذي أذهل المتخصصين في علم الأحياء، يُسلط الضوء على مرونة التطور وقدرته على إعادة تشكيل الهياكل الحيوية لأغراض غير متوقعة.

أسماك مرعبة

فقد أظهرت أبحاث حديثة أن ذكور هذه الأسماك، التي تُعدّ من الأقارب البعيدين لأسماك القرش والشفنين، تمتلك بروزاً فريداً يُعرف بـ«تيناكولوم» يبرز من مقدمة رؤوسها، وهو مغطى بصفوف من الأسنان الحادة القابلة للسحب. والأغرب من ذلك، أن هذه الأسنان ليست مجرد نتوءات جلدية، بل هي أسنان حقيقية تتشابه تماماً مع تلك الموجودة داخل الفم.

العصر القديم

هذا الهيكل الغريب، الموجود فقط لدى الذكور، ليس مجرد زينة، بل يُعتقد أنه يلعب دوراً حاسماً في التكاثر. فمثلما تستخدم أسماك القرش أسنانها للتمسك بالشريك أثناء التزاوج، يستخدم القرش الشبح «تيناكولوم» للتمسك بالأنثى.

حل اللغز التطوري

ولحل هذا اللغز التطوري، قام باحثون من جامعتي واشنطن وشيكاغو بفحص عينات حية وبقايا أحفورية يعود تاريخها إلى 315 مليون سنة. وأظهرت الفحوصات أن البروز الجبهي يحمل أسناناً تتطابق في تركيبها مع أسنان الفك، وهو ما أكدته تحليلات الجينات التي أثبتت أن هذه الهياكل تُعبّر عن الجينات نفسها المسؤولة عن تكوين الأسنان الفموية.

مرونة التطور

وقال الدكتور غاريث فريزر، المؤلف الرئيسي للدراسة، إن هذا الاكتشاف يفتح الباب أمام تساؤلات أعمق حول ديناميكية نمو الأسنان بشكل عام، مضيفاً: «إذا كانت الكيميرا قادرة على تكوين مجموعة من الأسنان خارج الفم، فأين يمكننا أن نجد أسناناً أخرى؟».

يُوضح هذا الاكتشاف المدهش أن التطور يمكنه أن «يُعيد استخدام» الهياكل القديمة لوظائف جديدة. فكما أوضح الدكتور مايكل كوتس من جامعة شيكاغو، استخدمت هذه الأسماك برنامجاً وراثياً قديماً لتصنيع الأسنان من أجل ابتكار جهاز جديد ضروري للتكاثر.