في الركن الجنوبي الغربي من ولاية أركنساس، يكمن سر جيولوجي وسياحي فريد من نوعه. منتزه فوهة الألماس الحكومي، بالقرب من بلدة مورفريسبورو الصغيرة، هو الموقع الوحيد في العالم الذي يتيح للجمهور التنقيب عن الماس الطبيعي والاحتفاظ بما يعثرون عليه.

تم اكتشاف هذا الموقع في عام 1906، ومنذ ذلك الحين، تم العثور على أكثر من 75 ألف ماسة في أرضه الممتدة على مساحة 37 فداناً، وفقاً للدليل الرسمي لمسح أركنساس الجيولوجي. يجذب المنتزه اليوم الزوار من مختلف أنحاء العالم، مقدّمًا تجربة فريدة تجمع بين السياحة والمغامرة والتعليم العلمي بطريقة لا توفرها أي مناجم تجارية.

يختلف حقل الألماس هذا عن معظم رواسب الألماس التقليدية التي تقع على عمق مئات الكيلومترات تحت السطح. فقد دفع ثوران بركاني عنيف منذ نحو 95 مليون سنة الأحجار الكريمة إلى الأعلى، مكوناً أنبوباً بركانياً مليئاً بصخور الألماس المعروفة باسم لامبرويت.

ومع مرور الوقت، كشفت عوامل التعرية والحرث عن الأحجار الكريمة، لتصبح في متناول أي شخص يحمل معولاً أو دلواً أو منخلاً.

في عام 1972، اشترت ولاية أركنساس الموقع وخصصته كحديقة عامة. تكلفة الدخول بسيطة، ولا تحتاج إلى تصاريح خاصة، حيث يمكن للزوار البحث عن الماس باستخدام أدواتهم البسيطة، بينما يقدم موظفو الحديقة الإرشادات وخدمات التحقق من صحة الاكتشافات. المبدأ بسيط وواضح: من يجدها يحتفظ بها.

تاريخ الموقع حافل بالاكتشافات المدهشة. أشهرها ماسة "العم سام" البيضاء التي تزن 40.23 قيراطًا، اكتُشفت عام 1924، ولا تزال أكبر ماسة تم العثور عليها في الولايات المتحدة. تليها ماسة "أماريلو ستارلايت" بوزن 16.37 قيراطاً عام 1975، وماسة "إسبيرانزا" بوزن 8.52 قراريط عام 2015.

وبحسب إحصاءات الحديقة، يغادر حوالي واحد من كل عشرة زوار المكان ومعه حجر ألماس أصيل، تتراوح أحجامها بين صغيرة جدًا وأحجار صالحة لصناعة المجوهرات، بينما تتنوع الألوان بين الأبيض والبني وأحيانًا الأصفر.

يقول تومي جيمس، جيولوجي متقاعد ومتخصص في الحدائق:"كل اكتشاف يحمل في طياته قصة جيولوجية وتاريخية. الأمر لا يقتصر على الحظ فقط، بل على التفاعل مع مشهد طبيعي عمره ملايين السنين".

طرق البحث

يتبع الزوار عادة ثلاث طرق رئيسية وهي البحث السطحي، والغربلة الجافة، والغربلة الرطبة. بعد هطول الأمطار، تصبح عمليات البحث السطحي أكثر فاعلية، إذ تكشف المياه التربة عن الأحجار اللامعة. بينما تساعد الغربلة على التركيز على المعادن الثقيلة مثل الماس والعقيق، مما يزيد فرص العثور على اكتشافات ثمينة.

ولا تقتصر المتعة على الماس فحسب، فالموقع غني أيضاً ببلورات الكوارتز والمعادن الأخرى التي تعكس الأصول الانفجارية للأنبوب البركاني، وتثير اهتمام هواة جمع الصخور مثل الماس نفسه.

تجربة فريدة بين الجيولوجيا والسياحة

ما يميز فوهة الألماس هو سهولة الوصول إليها وتجربة البحث الشخصي، بعكس المناجم الصناعية التي تتطلب معدات متطورة ورقابة مشددة. هنا، تقضي العائلات ساعات في الحقل، ويستمتع المبتدئون والمحترفون على حد سواء بالبحث عن الأحجار الكريمة، غالبًا ما يعثر الوافدون الجدد على ألماسات صغيرة بمجرد المشي أو الحفر البسيط،وفقا لـ" dailygalaxy".

يصبح المكان مزيجاً من التعليم العلمي وسياحة المغامرات، حيث يجذب نحو 200,000 زائر سنوياً، ويواصل الجيولوجيون دراسة التركيب البركاني الفريد للمنتزه. وقد نشرت جامعة أركنساس دراسات عدة حول تكوينات اللامبرويت، مؤكدة أن الموقع يمثل نافذة جيولوجية نادرة على عمليات وشاح الأرض.

لكن بالنسبة لمعظم الزوار، يكمن الجذب في بساطة التجربة وروعة الاكتشاف: فكرة أنك قد تدخل حقلاً صغيراً ومعك معول ودلو، وتخرج بماسة حقيقية بين يديك. وهذا ما يجعل فوهة الماس وجهة استثنائية تمزج بين الفضول البشري والعلم والتاريخ.