وقع (الطلاق البائن) أخيرا بين تحالف المعارضة السودانية (التجمع) وحزب (الأمة) عندما انسحب ممثلو الأخير من جلسة عاصفة في مؤتمر المعارضة المنعقد بميناء مصوع الاريتري, وفشلت على الأثر محاولات لمحاصرة التداعيات كان أبرزها اجتماع بين زعيم (التجمع) محمد عثمان الميرغني والحاج عبدالرحمن نقدالله رئيس تجمع الداخل وأبرز قادة (الأمة) المشاركين في مؤتمر مصوع الذي تلقى عرضا أمريكيا باستضافة ملتقى لاقرار السلام في السودان وتفعيل مبادرة الايجاد. واعتبر الدكتور عمر نور الدائم نائب رئيس حزب الأمة ما حدث في مصوع بمثابة الاعلان النهائي لقطع العلاقة بين حزبه والتجمع. وقال على كل طرف أن يتلمس طريقه. ومن شأن التطور الأخير ان يضع حدا للعلاقة الرمادية التي كانت تربط بين الطرفين منذ تجميد عضوية الأمة في تجمع الخارج واستمرار تحالفه مع قوى المعارضة في الداخل. غير ان التطور نفسه يثير مخاوف مراقبي الشأن السوداني كونه اشارة إلى زحف الطرفين, نحو نفق مظلم. وطبقا للمعلومات التي جمعتها (البيان) عبر الهاتف, من مصادر متطابقة في مصوع, فقد خيمت على جلسة مؤتمر (التجمع) التي انعقدت الليلة قبل الماضية, منذ البداية أجواء توتر عندما طرح موضوع عودة حزب (الأمة) إلى صفوف (التجمع) بناء على رسالة من الحزب موجهة إلى هيئة القيادة. غير ان أغلب المعقبين على الرسالة, خصوصا ممن يمثلون الكيانات ذات الوزن, اعتبروا ان حسم الأمر لم يعد بيد هيئة القيادة لانها - حسب رأيهم - انتفى دورها ولم يعد لها وجود منذ بدء أعمال المؤتمر العام وأعرب بعض المتحدثين عن أسفهم لان الرسالة جاءت متأخرة بعد فوات الأوان, واقترح بعضهم أن تتولى هيئة القيادة الجديدة المرتقبة حسم الأمر. وكان آخرون أثاروا ملاحظات تبدو هامشية منها كون الرسالة حملها رجل من الصف الثاني في قيادة الأمة (نجيب الخير) وكونها تحمل توقيع الرجل الثاني في الحزب (الدكتور عمر نور الدائم) في حين ان الواجب كان يقتضي - حسب هؤلاء - ان يوجه الرسالة زعيم الحزب الصادق المهدي إلى نظيره محمد عثمان الميرغني رئيس التجمع. وخلال المناقشة ذهب ممثلون لكيانات صغيرة إلى مدى أبعد فأثاروا ملاحظات من شأنها اشعال الموقف مثل التساؤل عن الأسباب التي حدت بالمهدي إلى الخروج بحزبه واجترار الاتهامات التي وجهها هو وقياديون في حزبه لبعض فصائل التجمع.. ووردت في سياق مداخلاتهم نقاط اعتبرها كوادر الأمة الموجودون في المؤتمر ضمن فعاليات أخرى, اساءة لحزبهم خاصة بعدما قال الحاج مضوي محمد أحمد أحد أقطاب حزب الميرغني (نريد لحزب الأمة مكانة وسطنا ولكننا لا نريد قنابل زمنية بيننا الآن) فانسحب أولا الحاج عبدالرحمن عبدالله نقدالله ممثل الأمة في تجمع الداخل, وتبعته شقيقته سارة نقدالله ثم محمد عبدالله الدومة. اما نجيب الخير فلم يسمح له أصلا بالمشاركة! وبعد انسحاب هؤلاء, تبينت معالم الأزمة في أذهان المؤتمرين, فتداعى بعضهم إلى التوسط لتدارك الموقف, وعقد في هذا الاطار اجتماع بين الميرغني ونقدالله استمر نحو الساعتين انتهى إلى الفشل حيث غادر بعده الأخير مصوع متوجها إلى أسمرة ليعقد مؤتمرا صحفيا من هناك. وفي الخرطوم اعتبر نائب رئيس (الأمة) الدكتور عمر نور الدائم ان هذه التطورات جاءت بمثابة الاعلان النهائي لقطع العلاقة التنظيمية بين حزبه وتجمع المعارضة. وقال نور الدائم في تصريحات صحفية (على كل طرف الآن البحث عن طريق منفصل عن الآخر. لكنه أكد التزام حزب الأمة بجميع المواثيق التي وقعها مع التجمع مثل ميثاق أسمرة للقضايا المصيرية واعلان طرابلس. وأردف نتمنى لهم التوفيق. وأوضح ان الجديد في مؤتمر التجمع هو التعاطف الذي أبداه د. جون قرنق مع حزب الأمة وتأكيده على الوزن السياسي والجماهيري الذي يمثله. في تطور آخر اقترحت ورقة أمريكية غير ملزمة اقامة ملتقى لاقرار السلام فى السودان يعقد فى واشنطن بغرض دفع مبادرة (الايجاد).. ويستهدف الملتقى جمع طرفى النزاع, حكومة السودان والتجمع الوطنى الديمقراطى المعارض, ودعم الاطراف ذات الصلة بعملية السلام كمصر وأعضاء الاتحاد الاوروبى وشركاء الايجاد. والورقة غير موقعة من أحد أو كما يقول أحد الدبلوماسيين أنها على طريقة (وضع الورقة على مائدة الفرقاء للنقاش واذا ما قبلها التجمع الوطنى خلال مؤتمره العام الثانى المنعقد حاليا فى مصوع سيكشف عن صاحبها واذا لم تلق القبول يتم البحث عن ورقة أخرى) . وتقترح الورقة مساعدة كينيا فى جهودها لاقرار السلام فى السودان باعتبارها رئيسا لمبادرة الايجاد (التى تبحث فى حل المشكلة السودانية) مع انضمام جميع أطراف النزاع والعمل على دعم جهود السلام من قبل أعضاء آخرين من ذوى الصلة مثل مصر وأعضاء الاتحاد الاوروبى. وتدعو الورقة الى تشكيل لجنة دائمة للملتقى تضم الولايات المتحدة وكينيا ومصر والاتحاد الأوروبى لاقرار محاور محددة للملتقى واستراتيجية المفاوضات وتحديد مكان اللقاءات مع ضرورة بدئها أواخر شهر سبتمبر الجاري. مصوع ـ البيان