بين البحر وقصص الصغار في ألف ليلة وليلة، جسدت طالبات مركز الفنون والفصول التعليمية، في نادي سيدات الشارقة في حفله السنوي أخيراً، موزاييك لرقصة الباليه العالمية، مطلقة عنان البحث، في مدى شغف تعلم الطالبات فن اللياقة، وملامحها الإنسانية، ومقدرتها على تحرير الروح وانطلاقها، على خشبة المسرح، دونما قيود. فن الباليه، حضر بقوة في مشاهد عالمية كثيرة، ولكنه يظل عربياً، محط أنظار النخبة، وعشاق البحث عمّا يعزز قيمة ذواتهم. بين أحاديث لمسؤولي تنشيطها في الإمارات، ومتبنيها من أولياء الأمور، الذين أكدوا لـ"البيان" أن فن البالية، رقصة للحياة وأسلوب راق لتنمية شخصية مؤديها، ومثابة ووجه آخر للثقافة الروحية، مشكّلاً لوحة بصرية لموزاييك تخطى حدود الموسيقى.
بيئة إبداعية
عادةً نشهد العديد من الاحتفالات النوعية، لعروض رقصة الباليه، ومحلياً نعتقد أننا غير مرتبطين بها، كونها أسلوبا راقصا، خارجا عن العادات والتقاليد، إضافة إلى كونها تتبع مجتمعات غير عربية، ولكن بمجرد حضورك ومشاهدتك نشاط نادي سيدات الشارقة، تبدأ بالتفاعل في هذا المزيج الحضاري، بين الطلبة المشاركين من مختلف الجنسيات، وبينهم إماراتيون وخليجيون، ما يوحي إلى اختيار نسق معين، لتحديد طبيعة البيئة الإبداعية في هذا المكان، وما شكله الانفتاح في الإمارات، من صياغة لوحة فنية، اعتبرت الباليه فناً ثقافياً، يعزز روح التلاقي بين الأفراد بلغة الجسد، والكفيلة في تحرير الفكر والروح، وإنشاء باكورة ثراء، لا تستطيع العلوم التطبيقية أو الكتب شرح تفاصيلها، وإذابة حواجزها، بفترة زمنية، كما الفن.
أسلوب راقص
الإيمان بأهمية فن الباليه، خطوة سعى من خلالها مركز الفنون والفصول التعليمية، في نادي سيدات الشارقة، إلى اتخاذ خطوة جدية، استمرت 15 عاماً إلى الآن، وصاغه عنواناً لمشروع أسس قاعدة من المنتسبين له بشكل يدعو إلى سؤال، في الخطوات المنهجية لتعزيز بيئة هذا الفن، ومعايير الاستمرار فيه. وقالت سارة المرزوقي، مدير مركز الفنون والفصول التعليمية، ان فن البالية، اتخذ موقفا نوعيا في الإمارات، باعتباره فناً إنسانياً، يقيس الوعي وماهية ثقافة المجتمع، وتنوعه.
لافتا إلى أن المركز يقدم اعتماداً أكاديمياً من قبل الملكية البريطانية المتخصصة في هذا المجال، ما يعطي للطالبات المشاركات حق التوسع والتطوير في فن الباليه، خارج نطاق المركز بعد إنجازها الفصول التعليمية. وقالت حول ذلك: "في الحقيقة المنتسبات من غير العرب، أكثر المهتمات في المجال، ولكن الحضور العربي والخليجي، بدا ملحوظاً وفي تزايد، فمجموعة منهن مستمرات في الدروس، ومؤمنات بأهمية قدرتهن على أداء رقصة راقية، تؤهلهن إلى الاحترافية".
وأضافت : أن اختلاف النظرة لفن البالية، بدأت أجمل، بعد أن كان ينظر لها أنها أسلوب راقص، دون وعي بأهميته للبعد الفكري والشخصي لمؤديها.
احتضان
وأشارت المرزوقي إلى أن الأكاديمية البريطانية الملكية للرقص المعروفة عالمياً، هي من تعتمد شهادات الفصول المقدمة، وتمتد حصص الباليه في نادي سيدات الشارقة على مدار عام دراسي يبدأ في سبتمبر وينتهي في يونيو ويحتضن مستويات عديدة منها للمبتدئات وأخرى للمحترفات، ويستقبل الفتيات من عمر 3 18 سنة. مبينة أنه يتم على مدار العام التواصل مع أولياء الأمور، والالتزام بمتابعة الملاحظات حول الأنشطة المقدمة.
إضافة إلى سعيهم لتحقيق الاتصال الإعلامي، لخلق إيضاح أكبر نحو مفهوم فن الباليه وأهميته. وأكدت أنهم لا يسعون إلى التغيير السريع أو الجذري، وذلك كون الفنون بأشكالها الإبداعية، تحتاج إلى متسع أكبر من الإنتاجية، ومساحة أكبر لإحداث وعي بأبعادها الثقافية.
وعي الأسرة
تفاعل أولياء الأمور، أبرز ما استوقفنا، في الحفل السنوي، الذي أقيم أخيراً، في نادي سيدات الشارقة، قدمت فيه ما يقارب 85 راقصة باليه ينتمين إلى 7 مجموعات مختلفة، 25 لوحة راقصة على مقطوعات موسيقية حديثة وكلاسيكية، وقالت لينا باظو، والدة ماسا راغب إحدى الطالبات المشاركات في الحفل، إن وعي الأسرة بأهمية فن الباليه، في بلورة شخصية ابنتهم، وتعزيز قيمهما الإنسانية، يسهم في تغيير الصورة النمطية، لهذا الفن الراقي.
ولفتت إلى أن لشخصية راقصة الباليه، عدة ملامح ، تستطيع الأم استشفافها من ابنتها، قبل وأثناء تعلمها الفن، وحتى بعد اتقانها له، ومنها: الهدوء وحب الموسيقى واللياقة الجسدية. وتتجذر بعد تعلمها الباليه، القدرة على خلق علاقات عامة، كون الباليه يعتمد على التوازي الجماعي، أثناء أدائه على المسرح، خاصةً وأن الانفتاح في الإمارات، بيئة ثرية لصناعة هذا المزيج الفني بين عدة ثقافات.
التعايش الثقافي
أوضحت شاريل أوستيرلو، مُدرسة الباليه في مركز الفنون والفصول التعليمية، في نادي سيدات الشارقة، أن البالية لوحة بصرية تتخطى حدود الموسيقى، بل تجعلنا نعشق سماعها، تمازجاً مع فعل الرقص، مشيرة إلى أن تطوير اللياقة البدنية، أحد أهم الأدوات لتحديد مسار الطالبة في المركز، معتبرة أن التعايش الثقافي في الإمارات، القاعدة الأهم في استمرار نشاطات فن الباليه، وهذا ما شهدته طوال عملها في المركز على مدى 11 سنة في المجال.
