محمد صبحي .. أحد الفنانين القلائل الذين يناضلون ليقدموا فنًا يليق بمكانتهم، استطاع عبر مشواره الطويل أن يقدم موادّ فنية تجمع بين متعة المشاهدة والحفاظ على الذوق الراقي للجمهور؛ لذلك دائمًا ما يحب أن يصف نفسه بالسابح ضد التيار، .. في السطور التالية يتحدّث صبحي بعقله لا بقلبه عن الفن في بلاده، وكيف آلت الدراما إلى حد أسفه على صورتها الحالية، والتراجع الملموس برأيه في حركة المسرح ، والمشهد المصري عمومًا فإلى التفاصيل.
دائمًا ما ترفض وصفك بـ"المغرد خارج السرب" وتفضل وصف "السابح ضد التيار".. فهل توضح لنا معنى هذا؟
سألني أحد الصحافيين وقتما كنت ذات مرة في دولة البحرين، قائلاً "هل تقبل وصفك بالمغرد خارج السرب"، فقلت له أفضّل أن أوصف بالذي يسبح ضد التيار، وكنا نتحدث عن الفن فقلت له إنني استطعت في الوقت الذي يسوده مناخ الكوميديا في الأفلام والإثارة والأكشن، أن أقدم مواد فنية تجمع بين متعة المشاهدة والحفاظ على الذوق الراقي للجمهور.
اللايت كوميدي
إذن.. كيف ترى مستوى المادة الدرامية المقدمة في الفترة الأخيرة؟
للأسف الدراما صورتها تؤسفني؛ لأنها أصبحت تحمل ألفاظًا خادشةً للحياء، وأقول هذا رغم كل الإمكانيات الدرامية وتطورها المشهود، ولكن معظم الأعمال الدرامية خاصة اللايت كوميدي تقال فيها ألفاظ لم أتخيل يومًا أنها ستعرض على الشاشة، فأين دور الرقابة في هذا الدور الذي كان مفعلاً ولم نستمع من قبل إلى كلمة واحدة تخدش الحياء كما يحدث الآن.
وماذا عن حركة المسرح؛ هل سنراك في عرض مسرحي قريبًا؟
لاشك في أن هناك تراجعًا ملموسًا في حركة المسرح، حتى دور المسرح تراجع في بناء العقول، ولكن والحمد لله بعد غيابي عنه فترة طويلة سأعود إليه قريبًا، حيث تم الاتفاق على أنني من سيقدم مهرجان المسرح للجميع وسأقدم 5عروض مسرحية، سيكون أولها مسرحية "خيبتنا".
أمس واليوم
ما الإشكالية التي تشغلك كفنان بعد الانتخابات الرئاسية؟
هناك أمر يلفت انتباهي ويدهشني في الوقت نفسه، وهو أننا دائمًا كمصريين نتحدث عن أمس واليوم، ولا أحد يتحدث عن الغد والمستقبل، رغم أن الغد أمر لابد أن يحتل الجزء الأكبر من فكرنا؛ كي يجني المصريون ثمار ثورتهم.
على ذكر ثورة 25 يناير.. كيف ترى المشهد المصري في الوقت الحالي؟
أرى أن هناك أصواتًا على الساحة تريد أن تغير كل شيء بعجلة شديدة وسرعة فائقة، وهذا شيء غير مقنع، ولا يستطيع أي عقل بشري إدراكه، وهناك على النقيض أصوات تريد أن تغير بعض الأشياء والجوانب ببطء متناهٍ، وهذا خطأ كبير، فليس صحيحًا أن أغير كل شيء وبسرعة، وليس صحيحًا أيضًا أن أغير بعض الأشياء وبهدوء وبطء شديدين، وأعتقد أن هذين الاتجاهين يسيطران على المشهد الحالي، ولذلك نحن نريد أن نستمع إلى صوت متوازن قادر على التغيير الكلي وليس الجزئي وبطريقة منطقية، فالمجتمع منظومة كاملة ومترابطة، كل جزء بها مرتبط بالجزء الآخر، ولا يجوز ولن يجدي أن نصلح جزءًا ونترك باقي الأجزاء، وهذا ما أقصده بالتغيير الجزئي والكلي.
هل لديك تحليل أو تفسير لهذه المتناقضات والانقسامات؟
لاشك في أن هناك أصواتًا كثيرة تسعى لإسقاط مصر وتخطط لهذا طوال الوقت، وتنتهز فرصًا من أجل تحقيق ذلك، ولا شك أيضًا في أن هذه الأصوات تحيط بمصر من الداخل والخارج، وهؤلاء هم أعداء هذا الوطن، فثورة 25 يناير عمل له فصلان، الأول هو إسقاط النظام الفاسد وإسقاط الديكتاتور، ونجحنا في هذا، أما الفصل الثاني فأبطاله هم الأعداء في الداخل والخارج ويريدون أيضًا أن يحققوا نجاحًا فيما يخططون له، فلا نريد أن نقع فريسة لهؤلاء ولا أن نصبح هذه الدولة التي يريدوها، دولة منقسمة، تياراتها المختلفة في حالة تصارع دائم، لا يكملون بعضهم البعض، وهذا ما يخيفني ويقلقني.
دولة صحية
قال محمد صحبي عن توقعاته بتحسن الأوضاع في مصر خلال الفترة المقبلة بعد اختيار الرئيس الجديد فأجاب: مشكلات مصر ونقاطها المظلمة من تدني مستويات التعليم، وتراجع في مؤشرات الاقتصاد، وزيادة الفوارق بين الطبقات، وعدم توفير الرعاية الصحية الجيدة، وتعود هذا الشعب على مناخ الحرية، والتزامه بالسلوكيات المنضبطة، تحتاج إلى وقت من أجل إصلاحها، ومن الجنون أن نتخيل أننا سنستيقظ بعد اختيار الرئيس الجديد على دولة صحية خالية من أي مشكلات، أو نستيقظ على مجتمع خالٍ من كل الأمراض.
