حذرت دراسة بريطانية حديثة، أجراها باحثون في جامعة هارفرد، من أن مبيدا حشريا يعرف بـ "إيميداكلوبريد" هو المسؤول عن التراجع الحاد في مستعمرات النحل على امتداد العالم منذ عام 2006. وقالت مجلة "ساينس ديلي" الأميركية، في تقرير حديث لها، إن الدراسة، التي قادها أليكس لو وهو الأستاذ المساعد في علم بيولوجيا البيئة بقسم الصحة البيئية في الجامعة، أن هناك "أدلة مقنعة" على الصلة بين إيميداكلوبريد والظاهرة المعروفة بفوضى انهيار مستعمرات النحل، التي تدفع البالغين منه للتخلي عن خلاياها.
يذكر أن هذا المبيد كان محظوراً في فرنسا بعد إلحاح من مربي النحل، لكنه لا يزال مستخدماً في بريطانيا وأميركا وأماكن أخرى.
ومن المعروف أن هذا النوع من المبيدات يؤثر في الأجهزة العصبية للحشرات، إذ أنه يصنف ضمن المركبات الكيميائية التي تستعمل في الحبوب بدلاً من رشه على النباتات النامية فتدخل في النباتات نفسها وتؤثر في الحشرات الضارة بالحشرات التي تلتهمها.
ونظرياً، قد لا تتأثر الحشرات غير الضارة بهذا المبيد، لكن التعرض الطويل الأمد والمنخفض المستوى لهذا النوع من المركبات قد يكون له تأثير غير مهلك، لكنه يضعف قوة النحل. يقول أليكس لو: "لا يمكن الاستهانة بأهمية مستعمرات النحل بالنسبة للزراعة. و على ما يبدو، فالأمر لا يتطلب الكثير من المبيدات الحشرية التي تؤثر على النحل. تجربتنا شملت كميات المبيدات أقل مما هو موجود في البيئة". و التحديد الدقيق لسبب المشكلة هو أمر بالغ الأهمية، نظراً لأن النحل وهو المصدر الطبيعي الرئيسي لإنتاج العسل، يعد أيضاً مصدر التلقيح الأساسي لما يقرب من ثلث أنواع المحاصيل في الولايات المتحدة، بما في ذلك الخضروات والفواكه و أعلاف الماشية مثل البرسيم والأعشاب. ويمكن أن يسفر فقدان نحل العسل عن خسائر زراعية فادحة تقدر بمليارات الدولارات، بحسب تقديرات الخبراء.
وافترض الباحثون في جامعة هارفرد أن الزيادة في فوضى انهيار مستعمرات النحل جاءت نتيجة وجود مبيد إيميداكلوبريد، وهو من مركبات "نيونيكوتينويد" التي ظهرت للمرة الأولى مطلع عقد التسعينات من القرن الماضي. وهناك طريقتان يمكن أن يتعرض من خلالهما النحل لهذه المادة، إما من خلال رحيق النباتات أو من خلال شراب الذرة المركّز بالفركتوز والذي يستخدم لتغذية النحل (ونظراً لأن معظم محاصيل الذرة في الولايات المتحدة تمت معالجتها باستخدام إيميداكلوبريد، فقد اكتشفت آثار هذا المبيد في شراب الذرة).
وفي صيف عام 2010، قام الباحثون بإجراء دراسة ميدانية في مقاطعة وورسستر بولاية ماسوشستس الأميركية بهدف معرفة كيف يتسبب إيميداكلوبريد في اندلاع فوضى انهيار مستعمرات النحل. وعلى مدى فترة 23 أسبوعاً، قاموا برصد النحل في أربعة مستعمرات مختلفة.
