قال القاص والروائي والمسرحي اللبناني د. إلياس خوري: نحن بمرحلة صعبة وقاسية جداً وليس لدينا خيار إلا أن نتمسك على الأقل بقدرتنا على الكلام لمواجهة الصعوبات.

جاء ذلك خلال الأمسية الافتراضية التي نظمها صالون الملتقى الأدبي بالتعاون مع دار الآداب، لمناقشة رواية «أولاد الغيتو 2 - نجمة البحر» بحضور الشيخة د. شما بنت محمد بن خالد آل نهيان، رئيس مجلس إدارة مؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافية والتعليمية. وفيها أكد خوري على أنه كتب الرواية بحب وبدقة أهلته لوصف الكثير من الأماكن في حيفا. ولفت إلى أن اللحظة التي نفقد فيها الكلام نفقد فيها الحياة.

وقالت أسماء صديق المطوع مؤسسة ورئيسة صالون الملتقى الأدبي: استضفنا من قبل الروائي إلياس خوري بمعرض أبوظبي الدولي للكتاب عام 2017 وناقشنا معه روايته «أولاد الغيتو- اسمي آدام» حيث كانت الرواية من ضمن الروايات المرشحة للقائمة القصيرة في الجائزة العالمية للرواية العربية، وأضافت: نعود لنتابع قصة بطلنا آدام ونرتحل معه في عوالمه وشخصوه وأماكنه ومفارقات حياته.

الجزء الثالث

بدوره قال خوري: انتهيت أخيراً من الجزء 3 والأخير من رواية «أولاد الغيتو» وهي محاولة لكسر الصمت من خلال شخص اسمه «آدام» عاش تجربة خاصة. وأضاف: الكل لديه حكاية تستحق أن تروى وتستحق أن تعاش وبمسارح «غيتو» نكتشف الأسئلة الكبرى التي تواجه الإنسان الفلسطيني مثله مثل اللبناني والعربي أو الإنسان في العالم، يواجه أسئلة المعنى. وأوضح: لربما تحدي الكتابة اليوم هي أن تحمل معاني من السقوط والانهيار، لأن اللحظة التي نفقد فيها الكلام نفقد فيها الحياة. وأضاف: ليس عن عبث دور الكلمة بتاريخ كل الشعوب وليس عن عبث أن الكلمة هي الفعل، وهي التي تبقى ونحن نكتبها ونقرأها. وتابع: إذا كان محكوماً علينا بالموت والزوال لوجودنا، نصير جزءاً من هذه الكلمة ونعيش معها حياة متجددة في عيون القراء.

ذاكرة مكسورة

وتابع إلياس خوري: قصة آدام مثل كل قصة لإنسان عاش ظروف قاسية جداً، «آدام» كما نعلم ابن مدينة دُمرت خلال حرب النكبة عام 1948 هو ابن «الغيتو» الذي بني في مدينة اللد. وأضاف: هو ابن ذاكرة مكسورة ولد مرمياً على صدر والدته التي كانت ميتة في رحلة الطرد من اللد، ومن ثم تبنته امرأة كانت تدعي أنها ممرضة في المستشفى، فعملياً هو ابن شجرة الزيتون وابن الأسى. وتابع: في كل حياته يحاول أن يتأقلم ليكشف ويحب ويعيش ويصنع قصته ويعيد كتابتها، فنحن أمام شخص يكتب قصته كي يؤلف حياته. واستطرد: وهو عملياً مثلنا كلنا كل واحد يؤلف حياته ونكتبها مع الذين نحبهم من أجل ذلك و«آدام» في الرواية يكتب ليعيد رسم صورته وليكتبها بأشكالها، وليظهر أن الإنسان متعدد وهويته الأساسية هي قدرته على التماهي مع الآخرين.

كلمة الحق

وأردف قائلاً: النكبة مستمرة في فلسطين لكن «آدام» وأنا لم نيأس من كسر هذا الجدار بكلمة الحق، وبالنهاية علينا أن نتمسك بالحق وبالحقيقة ونفتش على أنفسنا بهذا الإطار. وأضاف: «آدام» مثل كل الفلسطينيين الذي أصبحوا مواطنين وهو درجة ثانية وهو الغائب الحاضر يبحث عن الغياب في الحضور والحضور في الغياب حتى يكتشف هويته أولاً كإنسان. وأوضح: «آدام» ابن منفى مزدوج في مدينته، لينتهي بمنفى في نيويورك، وهذه المنافي مجتمعة صنعت أسئلته الكبرى حول معنى الحياة، وهناك الكثير من الكلام عن الصمت، وكأن الضحية تعيش الصمت ومكره عليه.