تدور احداث رواية «لم يصلِّ عليهم أحد» للروائي والسيناريست السوري خالد خليفة، على تخوم مدينة حلب حيث فاض العام 1907 نهرٌ جرف عمراً من الحياة الهانئة على ضفتيه..
وأضر بالسكان، ومنهم زوجة حنا وطفله، ابن زكريا، وكثيرون غيرهم. ونجد في العمل أن حب الفرح والترفيه هو ما أنقذ حنا وزكريا. إذ كانا في قلعة لصديق ثالث هو عازار.
السيل ابتلع من ماتوا، لكنه أيضاً سلب من بقوا حيواتهم... لم يعد شيئاً كما كان. من كان يهرب من قيود الدنيا وقع سجينة الآخرة.
من تلك القلعة إلى دير الرهبان، ومن سطوة التعلق بالمرح إلى سطوة بشرٍ تواقين لصنع الأسطورة، العبودية واحدة. فعاشق الدنيا لجمته ضروب الحياة وأخذ يحاول لملمة ما تبقى ومن تبقى له. وشمس الصباح ذبلت بانتظار لمسةٍ لم تدنّسها إلا بعد فوات الأوان، والعمة أمينة الحنونة أصبحت تحلم بتطبيق الحدّ والشريعة.
هذه ليست سوى مصائر صغيرة ضمن مصيرٍ أكبر لمدينة عاشت فيضانات وزلازل ومجاعات، واستوعبت تحوّلات اجتماعية وسياسية ودينية عميقة، يرصدها خليفة في رواية ملحمية، مسكونة بثنائية الحب والموت.
الرواية التي تقع في 348 صفحة من الحجم المتوسط تحفر في سرديّات المنطقة، وتقترح سرديّة جديدة ومختلفة لمدينة حلب في القرن التاسع عشر ومنتصف القرن العشرين، عبر قصص متشابكة عن الحبّ الموؤود، والموت المحقّق عبر المجازر والطاعون والزلازل والكوليرا، ومفهوم الهويّة والانتماء وأسئلتهما.
إنّها ليست مجرّد رواية عن طفل مسيحي ناجٍ من مجزرة في ماردين، تربّيه عائلة مسلمة في حلب، بل ملحمة إنسانيّة حقيقيّة عن الغرق والقلق البشري، وعن وهم النجاة من هذا الطوفان والأوبئة، وعن ورطة العيش في مثل هذه الظروف.
مصائر صغيرة تقودنا إلى مصير أكبر لمدينة حلب التي شهدت عبر تاريخها الطويل تحوّلات اجتماعيّة وسياسيّة ودينيّة عميقة، يرصدها خليفة بتقنيّات جديدة، في هذه الملحمة المسكونة بثنائيّة الحبّ والموت.
ويقول خليفة: «الرواية متخيلة من الألف إلى الياء، وهي تختلف كلياً عن رواياتي السابقة وكتبتها بروح وأسلوب مختلفين».
ويضيف: «الرواية لا تقارب الحالة السورية الآن نهائياً سوى في السؤال الدائم المتمثل بفكرة سؤال الهوية». وقد عاد خليفة إلى القرن التاسع عشر «للكتابة عن المسكوت عنه رغم مرور أكثر من قرن ونصف على تاريخ المدينة، والمتمثل بفكرة العيش في ظل الحكم العثماني واضطهاده للأديان الأخرى».
