كلما ظن المتابع لساحة الفنون البصرية أنه على دراية بالمواهب الفنية المحلية التي تألقت وأخذت مكانتها، يدرك أن هناك الكثير مما لم يتم تسليط الضوء عليه من مواهب متمكنة تُنتج وتُبدع وتَعمل بصمت خارج منظومة المعارض والفعاليات المعنية بالفنون والتغطية الإعلامية، ومثال عليها التشكيلية الشابة مها المزروعي التي تتميز بخصوصية أسلوبها الفني في تكوين اللوحة وعلاقتها الفريدة بالألوان، والتي شكلت عامل جذب في سوق الفن. وبهدف معرفة المزيد عن تجربتها الفنية، التقت بها «البيان» في مرسمها الخاص بدبي.
تجربة
وتستعرض مها تجربتها الفنية منذ الطفولة قائلة: «كنت محظوظة أن سجلتني عائلتي في إحدى المدارس الخاصة التي تعنى بالفن وتهتم به أسوة بالمواد العلمية، ولفتت موهبتي المدرسات اللواتي حرصن على تنميتها.
وخلال دراستي في كلية التقنية بدبي، أسسنا بمساعدة مدّرسة الفن المبدعة التي كانت تعلمنا الفن بعد ساعات الدراسة النظامية، فريقاً ضم الطالبات الشغوفات بالفن وأسميناه «تبرا» أي اللؤلؤ المائل إلى الزرقة.
وقدمنا العديد من المشاريع والأنشطة والمعارض الفنية، سواء بالتعاون مع هيئات ومؤسسات منها الجمعيات النسائية وقرية التراث وغيرها، وكم شكل تبني مؤسسة البريد لبعض لوحاتنا لتصبح طابعاً بريدياً دافعاً وحافزاً لنا».
تكعيبي وتجريد
تبتسم مها قبل متابعتها: «دخلت سوق الفن بالصدفة وحتى قبل أن يُعرف اسمي في الساحة، وكان ذلك في المعرض الأخير بعد تخرجي، حيث سألني أحد زوار المعرض، وهو مصمم داخلي يعمل في فندق برج العرب إن كنت أرغب في تقديم لوحات جدارية لهم بروح اللوحة التي أمامه.
بالطبع أسعدني التكليف، وبعد جولتي في المكان كان عليّ إنجاز ثماني لوحات جدارية بالألوان الزيتية خلال شهرين من الزمن فقط.
وأعمالي معروضة إلى اليوم في أجنحة وأروقة هذا المبنى العريق». وتقول مها عن دوافع اختيارهم لها ونوعية اللوحات التي قدمتها: ربما السبب هو ألواني النارية والحيوية والحارة كما هي ألوان ديكور وأثاث البرج.
ورسمت مجموعتين ضمت إحداهما الفن التكعيبي الذي كنت أدور في فلكه والعمارة الإسلامية، أما الثانية فرسمتها بأسلوب الفن التجريدي، مستوحية ألواني من الطبيعة وكان ذلك عام 1999، كما أتاني تكليف من «أدنوك» في أبوظبي وبعدها «مطار دبي» حيث تعرض بعض لوحاتي في مجلس «كبار الشخصيات».
شغف حي
وتحكي عن سبب غيابها وبعدها عن الساحة الفنية قائلة: «انقطعت عن الفن لأكثر من 10 سنوات، شغلتني خلالها مسؤولياتي العائلية والأمومة.
ولم أتصور أن عودتي إلى الفن قبل عامين ستكون سهلة، وكم فوجئت أني بدأت من حيث توقفت ربما بسبب شغفي الذي لم يخبُ واختزاني للكثير مما هو حولي. ولسعادتي تم تكليفي بتقديم أربع لوحات لمشروع منتجع «جميرا فيتا فيلي» في جزر المالديف مما شكل حافزاً جديداً بالنسبة».
وتنتقل مها إلى الحديث عن مرحلة الحاضر المرتبطة بتطلعاتها قائلة: «توقفت عن قبول أي تكليفات مرحلياً لتحقيق هدفي في تقديم أول معرض فردي لي، والذي أتوقع أن يضم أكثر من 20 لوحة، وجميعها تحمل بصمتي بما فيها معادلاتي اللونية الخاصة التي أستلهمها من روح الطبيعة والتأمل. وأمنيتي أن أمثل بلدي بهذا المعرض في الخارج بالطبع بعد عرضه في الإمارات».
خصوصية الزيتي
تقول مها حول علاقتها بالألوان الزيتية دون غيرها: «صحيح أن هذه الألوان تستغرق وقتاً طويلاً كي تجف، إلا أن خامتها وألقها فريدان من حيث التحكم بالخامة بين كثافة وشفافية، أو أصالة اللون وصموده».
