العراقة والأصالة ترافقان ثقافة الطهي والمأكولات المحلية في مدينة كيوتو التي تعد بمثابة الأب الشرعي للوصفات التقليدية في المطبخ الياباني العريق (واشوكيو)، والمُدْرج في قائمة اليونسكو 2013 للثقافة والتراث الإنساني غير المادي الذي ظل محافظاً على سماته حتى يومنا هذا، وأكثر حرصاً على عالميتها لتطرق كل الأبواب الزائرة لموطنها، من خلال إخضاع العديد من أصنافها للتعديل الطفيف لبعض المواد وليس المكونات الأساسية، لتأخذ صفة «الحلال» في العديد من المطاعم التي تخطب ود المسلمين والعرب
نبض الحواس
تجربة الطعام في مدينة «كيوتو» هي نافذة مشرعة على كافة الخيارات والمذاقات الغنية بنبض الحواس بداية من «السوشي» و«التوفو» و«النوديلز» ونهاية «بالتمبورا» و«الرامين»، فمع كل مطعم يقدم أطباقه «الحلال» من مخزون الإرث الثقافي للطهي الصحي الياباني، تعيش لحظات من التأمل والامتنان لهذا التوازن الدقيق بين المواد المستخدمة وطريقة تقديم الطبق كأنه لوحة مبهجة تكتمل خلالها كافة جهود طهاة المدينة الذين وضعوا المطبخ الياباني (واشوكيو)، ضمن لائحة منظمة اليونيسكو في عام 2013 للتراث.
قرار حكومي
وبغية زيادة جاذبية اليابان في العالم الإسلامي فإن الحكومة والعديد من الجهات الخاصة تبذل على حدٍ سواء جهوداً لا بأس بها من أجل زيادة تدريجية في عدد من المطاعم اليابانية التي تقدم أطعمة «حلال». ولعل إحدى المنظمات التي تساعد اليابان على فتح ذراعيها للمسلمين هي شركة ماليزيا حلال، وهي شركة يابانية تقدم خدمات عديدة مثل منح شهادات الحلال للمطاعم وندوات الأعمال، وتُقّدم متجراً للشراء عبر الإنترنت حيث يستطيع المسلمون في اليابان شراء الأطعمة الحلال مثل لحوم الأبقار اليابانية «واغيو»، الدجاج، والتوابل أيضاً.
اليابان 2020
ويبدو أن ثقافة الطعام بمدينة كيوتو واعدة بما فيه الكفاية للترافق مع أهداف الحكومة اليابانية الرامية لاستقبال 20 مليون زائر سنوياً بحلول عام 2020 والذي يتزامن أيضاً مع استضافة العاصمة «طوكيو» لدورة الألعاب الأولمبية، لدرجة أن البعض بدأ فعلاً بإنتاج الأطعمة الحلال ومنحت العديد من المطاعم والفنادق المحلية تصريحات معتمدة لاستقبال الزبائن المسلمين والعرب، عبر مجموعة حصرية من قوائم الطعام وبأسعار استثنائية فإلى جانب مطاعم كايسيكي اليابانية بأسلوب كيوتو التقليدي ومطاعم متخصصة بأطباق التمبورا، السوشي والتيبانياكي؛ وحتى المطاعم الهندية، الإيطالية والصينية
للمسلمين فقط
ونظراً لشعبيتها وحظوتها يؤكد الشيف محمد خان الباكستاني الأصل والذي يتخصص مطعمه في تقديم أصناف من «النوديلز» على الطريقة التقليدية، أن صفة «الحلال» لم تنزع عن الأطباق اليابانية مذاقها الأصيل ولكن يأتي الاختلاف فقط في اللحوم المذبوحة على الطريقة الإسلامية وعدم إضافة أي مكونات يدخلها دهن الخنزير .
في حين يقول التركي سليم شيمشيك إن مطعم ومقهى «روز» الذي يمتلكه بمدينة «كيوتو» يعد اليوم الوجهة الأكبر لزوار المدينة من المسلمين والعرب خاصة أنه من البداية مخصص للمسلمين والعرب من جهة، ومن جهة أخرى بسبب موقعة الإستراتيجي بالقرب من المسجد الكبير في المدينة، لذلك فإن وجبة الغذاء بعد صلاة الجمعة هي أكثر الأوقات ازدحاماً .
أساليب تقليدية
وتؤكد مايومي تيروشي أن مطعم «نانزان كيوتو كيتاياما» من المطاعم المفضلة بالنسبة للزوار المسلمين والعرب من خلال تجربة الشواء على الطريقة اليابانية والمعروفة بـياكي نيكو) وهي تقوم على الخدمة الذاتية بفضل وجود موقد شواء مجهز في وسط الطاولة إلى جانب المكونات الأطعمة المعدة سابقاً من لحوم البقر المذبوح على الطريقة الإسلامية.
