لمشاهدة الغرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا
شهدت دبي مرحلة مبكرة ومضيئة في التجارة، شكلت معها الإمارة حاضنة جذبت كبرى الشركات العالمية والمعاملات التجارية البحرية المختلفة، ما يؤكد دورها الريادي العريق على مستوى المنطقة في ازدهار التجارة والملاحة، وما تبع هذا الانتعاش والتطور من حراك اقتصادي واجتماعي لافت قبل عقود من الزمن.
وتنفرد «البيان» بنشر بعض الوثائق والمخطوطات النادرة، التي ترصد تاريخاً مشرقاً من الازدهار التجاري والملاحي في دبي عن طريق عرض مسيرة التطور في الإمارة والمتعلقة بـ«الفرضة» أو (الجمارك) في عهد المغفور له الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم، رحمه الله، والخاصة بعمل عبدالكريم بن محمود، مدير «الفرضة» في تلك الحقبة الممتدة بين عامي 1920 و1938.
وخصت عائلة عبدالكريم بن محمود صحيفة «البيان» ببعض الوثائق القيمة والنادرة التي تثبت العمق التاريخي للإمارة ودورها في نهضة المنطقة ويتحدث عنها مالكها سعيد محمد نور، رئيس قسم التنسيق والمتابعة بديوان صاحب السمو حاكم دبي، قائلاً: «استطاع والدي محمد نور عبدالكريم بن محمود المحافظة على تلك (الثروة) التي ترجع لـ100 عام لحين استلامي إياها منه عام 1985».
ويضيف: «تثبت تلك الوثائق النادرة تاريخ دبي التجاري الممتد من مراحل ما قبل اكتشاف النفط، وهو ما يستغربه غير المطلع بتفاصيل حياة الإمارة الفتية ونشأتها، فالعديد منا لا دراية له بقدم التجارة في الإمارة وتاريخ العمل النظامي خلال بدايات القرن الماضي وحظها من حكام استشرفوا المستقبل قبل عقود من الزمن».
مرحلة مشرفة
وتوثّق المجموعة النفيسة لعبدالكريم بن محمود، بحسب سعيد محمد نور، لمرحلة مبكرة ومشّرفة من تاريخ دبي التجاري، الذي شكلت فيه دبي حاضنة جذبت التجار من مختلف الأعراق والأديان من جميع أنحاء المنطقة، الأمر الذي يدفع الأبحاث والدراسات التاريخية نحو منحنى جديد يؤكد عراقتها كمركز تجاري وريادي في ترسيخ مبادئ التسامح قبل أكثر من 100 عام. ومن خلالها يتم تسليط الضوء على حقبة تاريخية مهمة لدبي معززةً بأدلة ومخطوطات التي سيطلع عليها القرّاء للمرة الأولى، كي تكون شاهدة على المكانة التجارية للإمارة في فترة تقاطعت مع الظروف الصعبة التي فرضتها الحروب العالمية والاضطرابات السياسية بالمنطقة، حيث كانت في عهد الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم، نقطة رئيسة للملاحة والتجارة عكستها اللوائح والنظم التي جسدتها مختلف التعاملات الداخلية والخارجية بعد أن بدأت «الفرضة» في توثيق العمل الجمركي بأعمال تخليص وشحن وتخزين البضائع الواردة إليها، وكيف كانت دبي حاضنة جذبت المعاملات التجارية البحرية المختلفة وكبرى الشركات العالمية. ويرى سعيد محمد نور أن تاريخ دبي كتبه الأجداد الذين تحلوا بأنبل مكارم الأخلاق وواكبوا فترة صعبة من تاريخ بلادنا، كتبوه بحبر الإخلاص والشهامة لتبقى دبي المدينة التي تتكسّر على شواطئها الأمواج العاتية مهما علت.
أهمية
ومن الوثائق ذات الأهمية التي تنشر للمرة الأولى، إعلان الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم، يعود لسنة 1928 يمنع فيه استيراد السّمن المعمول من الفواكه والأشجار المخلوط في كراتشي لضرره على الحياة وعدم صلاحيته للاستخدام الآدمي وللمستوردين مهلة من تاريخ صدور الإعلان في 9 ربيع الثاني إلى نهاية جمادى الآخرة سنة 1347، وبعد انقضاء المدة المعلومة والاطلاع على هذا التحرير فكل من يجلب هذا النوع من السّمن إلى دبي ملزم بتسليم رسوم «الفرضة» ويخرج ما جلبه من بضاعة بالسرعة الممكنة دون جدال وتم تذييل الكتاب بتاريخ 9 ربيع الثاني سنة 1347 للهجرة (23 سبتمبر 1928).
دلالات
وتبيّن الوثيقة مدى الوعي بتلك الفترة وأنها ليست وليدة الحاضر، كما تبين تبادل التجارة مع الدول المجاورة والانفتاح على دول المنطقة والعالم والتجارة الحرة، فحرصت الحكومة في عهد الشيخ سعيد بن مكتوم، على عدم استيراد ما فيه ضرر على المستهلك والصحة العامة، كما أن الوثيقة بيّنت دور الحكومة بتنظيم العمل التجاري وسّن القوانين والأنظمة ودور «الفرضة» لتنفيذ التوجيهات السامية، بالإضافة لتحديد مدة زمنية لتنفيذ القرار قبل فرض الرسوم.
نص الإعلان:
«إعلان من سعيد بن مكتوم إلى كافة من ينظر في هذه الورقة من أصحاب المعاملة في الأجناس من الأمتعة وغيرها القاطنين بلدتنا دبي، أما بعد إعلاماً لكم فإن السّمن المعمول من الفواكه والأشجار المخلوط في كراجي وغيرها ممنوع أن يجلب في بلدتنا المذكورة لأن من ذلك الضّرورة العموميّة على جميع الأبدان الإنسانية ولكم المهلة من تاريخ هذه الورقة إلى سلخ جمادى الآخرة وبعد انقضاء هذه المدة المعلومة واطلاعكم على هذا التحرير فكل من يجلب هذا المال المذكور فلا شك ملزوم عليه يسّلم رسمية الفرضة ويخرج لمجلبه من بلدتنا سريعاً بغير محاورة ولا جدال». (9 ربيع الثاني 1347)
توجيه
وتنشر للمرة الأولى وثيقة هي عبارة عن توجيه من الشيخ سعيد بن مكتوم، إلى عبدالكريم حمال باشي، مدير «الفرضة» لتعريفه بخصوص الأموال التجارية التي تصل بالمراكب إلى «فرضة دبي» سواء تحمل البضائع النفيسة وغير النفيسة إن كانت تعني كلمة المنافيس الأشياء النفيسة أو«المنافست»، وتعني في التعريف الجمركي البيان الذي يعده رُبّان السفينة عن البضائع التي تفرّغ من السفينة إلى الميناء وتسلّم للسلطة الجمركية ووكلاء الشحن، ويحتوي البيان على وصف كامل للبضاعة واسم المستورد ووزن الحمولة وعدد الطرود وحجم البضاعة واسم الباخرة ورقم الرحلة وميناء التحميل وميناء التفريغ وتستحق عليها دفع الأرضية فيحق لمدير الفرضة تحصيل أو قبض الأرضية فقط وتسليمها دون زيادة وفق ما تم تحصيله.
وتكمن أهمية الوثيقة سواء المعنى من المنافيس الأشياء الثمينة (منفوس: نفيس أو مرغوب فيه) أو المنافست البيان الجمركي، فهناك مدلول قوي وقاطع على نهج واتباع سياسة التجارة الحرة وعدم فرض رسوم إضافية على البضائع والاكتفاء بتحصيل الأرضية ولا يحق لمدير «الفرضة» زيادة رسوم إضافية على البضائع المستوردة وتوريد ما يتم تحصيله فقط، بالإضافة إلى ذلك، فإن التوجيه بمثابة حافز لتشجيع وجذب واستقطاب التجارة ودليل على أصالة وصلابة الأرضية التي تقف عليها دبي منذ تلك الفترة من التأسيس.
نص الوثيقة:
«من سعيد بن مكتوم إلى عبدالكريم حمال باشي وبعد، نعرفك من طرف الأموال التجارية الذي يورد من المراكب أو في الأخشاب إن كان في المنافيس أو بدون المنافيس وينزل في بر دبي من قليل وكثير ومتعلق عليه الأرضية فهو لك أن تقبض الأرضية وعليك أن تسلم لنا أرضيته فقط لا زيادة بموجب ما تأخذ من الناس». حتى لا يخفى جرى في 20 رمضان 1339
وثيقة تنظيمية
وهناك الوثيقة التنظيمية للعمل بمثابة توجيه لمدير الفرضة وتحفيز للتجار لاستلام بضائعهم من مخازن الفرضة وتحديد مدة زمنية لاستلامها وإلا سيتم وضعها بمخازن «الفرضة» وأخذ حمولة إضافية عليها وكلما زادت الفترة الزمنية زادت الرسوم على البضائع وكذلك تفرض على بضائع أخرى بموجب ما ينزل من المركب.
نص الوثيقة:
«نقل الذي يبقى في القدام من الأموال من بعد مضي مدّة خمسة عشر يوماً إذا كان ما وصل الّستمي لأصحاب الأموال، المال أولاً يحط في القدام ويأخذون الحماميل حموليّة دبل وهي الماية ست ربيات وكل نقله كل أسبوع انتين وإن تبقت الأموال أسبوعين على كل نقلة ربع ربية وإن كان بقي المال إلى مدّة شهر زمان على كل نقلة نصف ربية وإن كان تبقى إلى زيادة يؤخذ كل ما زاد أسبوع بحسابه أيضاً الخّرازي والبزر والجاهي بموجب ما ينزل من المركب».
رسالتان
وثمة رسالتان من مدير «الفرضة» عبدالكريم بن محمود، إلى وكيل الدولة البريطانية المعظمة، بشأن البضائع الواردة إلى «الفرضة» والحمّال الذي نازل منه والمستورد من بومباي واليابان والكويت، إحداها مؤرخة في 18 يونيو 1938 والأخرى في 15 مارس 1937.
دور
ويستخلص من الرسائل دور «فرضة دبي» بالمنطقة، بالإضافة لوكيل الدولة البريطانية المخول خلال تلك الفترة ومسماه الوظيفي وأنواع البضائع الواردة والدولة المصدرة واسم البوم والنوخذة وأنواع البضائع وعدد الحمولة الواردة وتاريخ الوصول، مما يوفر للباحثين حركة التجارة خلال تلك الفترة، بالإضافة إلى المعلومات المذكورة.
مضمون الوثيقة:
«من: الوكيل عن جمارك دبي شركة ريس حسن سعدي إلى المشرف على المحطة، الخطوط الجوية الإمبراطورية. استفسار من مدير جمارك دبي عن بضاعة تلقاها عميل ولم يستلم بوليصة الشحن وليتمكن من إجراء التسويات اللازمة مع شركة الشحن، وجب التذكير بضرورة إرسال بوليصة الشحن ورسالة الضمان لتحديد الرسوم الجمركية - صدر في 05 مايو 1935».
معرض
وكانت إدارة التراث العمراني في بلدية دبي نظمت معرض «فرضة دبي في وثائق حمّال باشي»، في حي الشندغة التاريخي، الذي يتيح للمهتمين والمتخصصين الاطلاع على بعض الوثاق والذي يستمر لنهاية العام الجاري، متضمناً وثائق «الفرضة» التي تعود لأوائل القرن الـ20، وتتجلى أهميتها لكونها مرجعاً مهماً يؤرخ للحركة التجارية والنهضة الاقتصادية التي شهدتها دبي.
ومن الوثائق المعروضة حالياً «إعلان لتجار الأرز للالتزام بأوزان محددة من قبل حاكم الإمارة ويعاقب من يخالف التعليمات في 7 شعبان 1936 ووثيقة توكيل حصري من الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم لجعفر علي محمد ببيع وشراء السجائر عام 1938 وإعلان منع مهنة الدلالة للبضائع إلا بالشراء المباشر من التجار عام 1934 ودفتر ملاحظات يعود لعام 1926 استعمله عبدالكريم بن محمود في تدوين أوامر وقرارات الحاكم».
صور
وأفاد مدير إدارة التراث العُمراني بدبي، المهندس أحمد محمود، أن معرض «فرضة دبي في وثائق عبدالكريم بن محمود» هو الثالث من نوعه، الذي يحتضنه مركز الوثائق التاريخية في دبي والأهم من نوعه باعتباره يتضمن أغلب الوثائق التاريخية بمعزل عن طبيعتها سواء السياسية، أو التجارية، والاقتصادية، إضافة إلى الصور التي ترصد حقب تاريخية مختلفة، وأشار إلى وجود قاعة تتبع مركز الوثائق التاريخية تحمل اسم «قاعة الشندغة» وهي قاعة متعددة الأغراض مخصصة لمعارض سنوية تستهدف من يحتفظون بوثائق تاريخية عن دبي من العوائل والأفراد. منها معرض أحمد عبيد المنصوري، ومعرض وثائق عائلة السركال، أما هذا العام فقد كان من نصيب عائلة عبد الكريم بن محمود، حيث كان صاحب الوثائق أول مدير للجمارك، وهي وثائق ذات قيمة عالية كونها تبرز انتعاش التجارة في دبي وآلية العمل المنظمة التي تؤكد أن هذه الإمارة منذ بواكيرها الأولى تسير وفق رؤية مستنيرة.
تصنيف
وقال عبدالعزيز الشحي، رئيس مركز الوثائق التاريخية في إدارة التراث العُمراني، إن المركز متخصص بالوثائق التاريخية الخاصة بدبي سواء كانت ورقية أو صوراً أو مقاطع أفلام ويعمل المركز على جمعها وتصنيفها وإتاحتها للدارسين، حيث تم جمع 120 ألف وثيقة خاصة بالإمارة. وأوضح أن المركز يتبعه 8 قاعات مخصصة لمعارض، كل منها يأخذ جانباً من جوانب الإمارة تجارياً واقتصادياً ومفصلة حسب المواضيع والمشاريع والمعالم القديمة، بالإضافة لقسم الخرائط، حيث يوثّق أقدم خارطة لدبي (1822)، مشيراً إلى أن المركز ينظم معارض سنوية للتوعية بتاريخ الإمارة وتأكيد هويتها التاريخية، كمعرض «يوم الوثيقة» الذي يصادف 16 أكتوبر كل عام. وأضاف: لدينا قاعة الشندغة ويتم استثمارها بالاتفاق مع جهة حكومية أو خاصة أو عين من أعيان دبي تملك وثائق متوفرة عن الإمارة.
دفاتر حسابات
وتابع: إن المعرض هذا العام لعبدالكريم بن محمود، الذي تمتلك أسرته أكثر من 500 وثيقة نادرة، إضافة إلى دفاتر حسابات وكل الوثائق التي تتحدث عن نظام «الفرضة» والتي تعرف الآن بمسمى جمارك دبي، وهو امتداد لأقدم تاريخ لمؤسسة حكومية محلية هي «فرضة دبي»، مشيراً إلى أهمية الوثائق كونها تؤرخ الجانب التجاري للإمارة منذ مطلع القرن الـ20، وتسلط الضوء على العلاقات التجارية بين دبي والخليج العربي، بالإضافة إلى شطري الجزيرة وأفريقيا والهند، فيما يؤرخ الجانب الثالث لنوعية البضائع التي كانت تصدر أو تستورد من الخارج، أما الجانب الرابع فيحظى بقدر من الأهمية، إذ يخص وثائق تؤرخ لتجار المنطقة المحليين أو الجنسيات الأخرى من التجار الموجودين بدبي، كما توضح الوثائق بعمومها سياسة الشيخ سعيد بن مكتوم، في كيفية إدارة الإمارة من خلال القوانين وتوجهها إلى الانفتاح على العالم وسياسة تأمين التجار وبضائعهم في العموم، كما تبيّن حصافته ورؤيته الاقتصادية في تطوير دبي من خلال علاقاته، لافتاً إلى أن التأمينات التي أعطاها الحاكم لتجار المنطقة الموضحة في وثائق الفرضة المعروضة.
عمق تاريخي
وأوضح الشحي: إن الوثائق بعمومها تؤرخ لفترة زمنية مهمة تعكس العمق التاريخي الذي يعود لعام 1833 أيام حكم الشيخ مكتوم بن بطي بن سهيل، وأن سياسة الحكام واضحة ورؤيتهم الاقتصادية والتجارية كذلك، مضيفاً أن الوثائق بندرتها وكونها تؤرخ لمرحلة حديثة من تاريخ الإمارة في العصر الحديث لها الأهمية كونها تتحدث في مسألة شريان دبي الرئيس «خور دبي» الشريان الاقتصادي الأول وعلاقات دبي بالعالم.
ورأى أن الوثائق تصلح لتكون دراسة قائمة بذاتها عن سياسة الشيخ سعيد والقوانين التي وضعها لتنظيم العمل التجاري والاقتصادي، وأن دبي لم تكن طفرة تاريخية بل رؤية لأسرة آل مكتوم حتى وصلت للعالمية على يد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي رعاه الله.
وذكر أن القاعة تعرض حالياً قرابة 75 وثيقة، تم اختيارها وتصنيفها بشكل دقيق ويفد العديد من الزوار للاطلاع عليها من مختلف الجنسيات.
صاحب الوثائق
ولد عبد الكريم محمود الحاج قاسم حمال باشي في 3 مارس 1885 وتوفي عام 1953 عن عمر يناهز 68 عاماً، عُين رئيساً ومديراً لـ«فرضة دبي» بمرسوم خطي من الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم رحمه الله، وامتد عمله لنحو 34 عاماً، وأهم الأعمال التي قام بها تأسيس العمل المنظم بتوثيقه في كراسات سجل تحصيل الرسوم، إضافة لمخاطبات الرسمية داخل وخارج الإمارة وغيرها من أمور تنظيم الإدارة، وعمل على تأمين «الفرضة» بحمله السلاح وباستخدام حامية مسلحة لحماية المخازن، وعرف عنه أنه كان معالجاً لبعض الأمراض المنتشرة بالمنطقة في ذلك الزمان، ومداوياً للجروح والأورام، وكان يعالج بالأدوية والأعشاب الطبية التي يجلبها من الهند والدول المجاورة، ولا يأخذ مقابلاً مادياً لعلاجه الناس بل كان يبتغي بعمله وجه الله، كما كان له مجلس خاص للطلاب لتعلم تجويد وتحفيظ القرآن الكريم.
التراث الحضاري مسؤولية وطنية وتاريخية
يتحدث أحمد أيوب، ابن حفيد المرحوم عبدالكريم بن محمود، مدير «فرضة دبي» في عهد الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم، طيّب الله ثراه، عن أهمية الحفاظ على الإرث التاريخي لدبي، قائلاً: «تراثنا الحضاري الذي توارثناه عبر الأجيال مسؤولية وطنية وتاريخية نحملها اليوم وسيحملها أبناؤنا وأحفادنا». ويبيّن أن الوثائق تتضمن العديد من المراسيم الصادرة من الحاكم، إضافةً إلى آليات ونظم العمل الجمركي من استيراد وتصدير وتأمين الحمولات. كما أن «للفرضة» دوراً أساسياً بتنظيم المعاملات التجارية بتحديد الأوزان والكميات بعد تحصيل رسوم الجمارك، إذ يتبيّن وجود مراسلات بين «الفرضة» والتجار وأعيان البلاد والأسرة الحاكمة، فضلاً عن المخاطبات مع الشركات التجارية والوكالات الملاحية والوكيل السياسي البريطاني بالخليج العربي بضفتيه والمراسلات التي نجد بعضها مع التجار بدبي من مختلف الجنسيات، حيث يظهر التنوع في وجود التجار البانيان منذ أوائل القرن الماضي، مما يؤكد ريادة دبي كمركز تجاري ودورها السبّاق بترسيخ مبادئ التسامح والانفتاح الثقافي والتجاري، الأمر الذي لم يكن ليتحقق لولا رؤى القيادات الرشيدة التي تعاقبت على حكم الإمارة.
ويتابع: نأمل إكمال المسيرة بحفظ الوثائق وإبراز أهميتها بتحليل التاريخ التجاري لدبي ونأمل مضاعفة الجهود عبر الأجيال القادمة بالتعاون مع الجهات الحكومية، مثمناً جهود مركز الوثائق التاريخية التابع لبلدية دبي على إقامة معرض لعرض الوثائق ومنح فرصة للباحثين والطلبة في الجامعات لدراستها وتحليلها.
