لم يأتِ تفرد الإمارات وما بلغته من مستويات تقدم حضاري، من فراغ أو بفعل المصادفة. فتلك المفردات النهضوية التي تتجسد فيها ضمن شتى ميادين الحياة.. بجانب ألق تطورها ورونق روائعها المعمارية، ليست سوى نتاج فكر نير وروح إبداع وتجديد خلاقة، مصدرهما قيادة حكيمة على درجة عالية من المسؤولية والوعي. وهو ما ترسخه وتحكيه، بجلاء وحنكة، مبادرة «2016.. عام القراءة»..
التي أطلقها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، إذ ركز أخوه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، على تبني خطط اشتغال نوعية تفيد في تعزيزها وترجمتها نهجا ورؤية واقعيين لدى كافة قطاعات المجتمع.
إن مبادرة «2016.. عام القراءة» ذات أبعاد حيوية، وهي صورة شفيفة لما تسير عليه وتقتدي به دولة الإمارات، من استراتيجيات عمل اجتماعي وثقافي كفيلة بتمكينها من تملك مفاتيح المستقبل وجعل المعرفة والمطالعة أساساً ثابتاً وقوياً في المجتمع، يفيد في بناء أجيالنا وفق أرفع المستويات الفكرية، ليكون بمقدورنا مواكبة أشكال التقدم العصري بثقة، ولنبقى نردد قصة تميزنا التي تستقي ألقها من بطون التاريخ وتبني على المنجز لتصل منازل عالية.
ولا شك أن ندوة الثقافة والعلوم، وكونها إحدى المؤسسات الرائدة في مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة.. وأيضاً على صعيد العالم العربي أجمع، حريصة أشد الحرص على تقديم جهود متميزة في سياق خططها وبرامجها الثقافية والقرائية، والتي تحقق إسهامها النوعي في تجسيد وترجمة روحية هذه المبادرة.
إذ أثرينا، لهذا الغرض، مشروع عمل فكري متكامل نتبناه، يغني معارف أبنائنا الشباب ويصقل خبرات ومهارات وأفكار الشرائح المجتمعية كافة، وذلك عبر جلسات ثقافية متواصلة، تنظم في كل شهر، تناقش كتابا ما صدر حديثاً أو أي كتاب آخر قديم هو على درجة أهمية كبيرة.
وبطبيعة الحال فإن هذا النهج يمثل صورة شفيفة لمدى اندفاع الندوة وحرصها على تطبيق ركائز المبادرة، والتي تعنى بإبراز وإعلاء قيمة القراءة لدورها في بناء عقولنا وتقوية حضور دولتنا وتأثيرها في المحافل الدولية. كما أن الندوة، ترفد مرتكزات المبادرة من خلال باقة إصدارات نوعية لها، وأيضاً عبر جملة من المحاضرات التنويرية والأنشطة التثقيفية التي تستضيف فيها مجموعة أدباء وبحاثة يلتقون مباشرة مع أفراد الجمهور، فيتحاورون ويتناقشون في شتى المسائل الفكرية. ويأتي ذلك إيماناً منها بجدوى الثقافة والكتاب وبما يحققانه من فوائد في حياة المجتمعات..
وكذا وفاء منها لطيب جهود ومقاصد قيادتنا الحكيمة، التي لا تهدأ خططها ومشروعاتها التنويرية..علاوة على كونها لا تنفك تبذل الغالي والرخيص، في سبيل بناء الإنسان وتحصين الوطن عبر بث نور الفكر في عقول أبنائه وطرد خيوط التخلف والظلام من أية مساقات أو أركان في حياة مجتمعنا.
وختاماً، أظن أننا معنيون جميعاً، سواء كمؤسسات أو أفراد، أن نكون على قدر المسؤولية وفي مستوى المأمول منا، كي نسهم بقوة وفاعلية في جعل الثقافة والقراءة نهجاً وخياراً حياتياً لدى فئات وشرائح المجتمع كافة.
رئيس مجلس الإدارة
