اختلاط العلم بالأدب يثري الاثنين معاً، فالعلم يجعل النص الأدبي أكثر إقناعاً، والأدب يجعل المفاهيم العلمية أقل جفاء وأشد تأثيرا وأكثر قربا لعقل القارئ. هذا ما أوضحه د. طارق درويش استشاري الطب النفسي خلال محاضرته «توظيف النظريات العلمية في النص الأدبي - رواية لمن يكون العقاب نموذجاً» التي ألقاها مساء أول من أمس في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في أبوظبي، واختتمها بتوقيع روايته التي اتخذها نموذجاً.

نظريات

قبل حديثه عن روايته الصادرة أخيرا عن دار نبطي للنشر، استعرض د. درويش نظريات التحليل النفسي بدءا من النظرية التحليلية التي أسسها فرويد، مرورا بالمدرسة السلوكية، والمعرفية، ومدرسة السمات. وقال: تنحصر نظريات الشخصية بشكل الشخصية وتكوينها، والوحدات التي تتكون منها، وكيف أصبحت على هذا الشكل، ولماذا يأتي التصرف على هذا النحو، والدوافع لنمط دون آخر. وأشار إلى أن كل مدرسة تجاوب عن هذه الأسئلة. مستعرضا نمط كل منها، متوقفا عند نظرية السمات والتي أسسها جوردون ألبورت. وأضاف: تتلخص النظرية بأن الناس لديهم استعداد طبيعي للاستجابة بشكل محدد في المواقف المختلفة بناء على نوع سماتهم. وأوضح: ان السمات هي الوحدات المكونة للشخصية، ويتشارك فيها الناس جميعا دون استثناء، لكن يكون التعبير عن هذه السمات بشكل متغير. مشددا على أهمية الوراثة والبيئة في تكوين الشخصية.

وفي توظيف هذه النظرية في روايته «لمن يكون العقاب» قال درويش: استخدمت العاملين المؤثرين في تكوين هذه الشخصية، أي الوراثة والبيئة، عبر شخصيات لأخوة أربعة يمثلون البشر في هذا الكون، والدكتور حسين الذي يمثل القوة التي تتحكم في أقدارهم.

نزعة بحثية

تبدأ الرواية كما قال درويش من موت والدي الأطفال الأربعة، وهو ما يجعل الدكتور «حسين» يوزعهم في أماكن مختلفة، منها الإيجابية والسلبية. وأشار إلى أن «حسين» هو عالم نفسي، عقلاني تتسم مشاعره بدرجة من القسوة النفسية، لا يهتم كثيرا لأمر المشاعر، وهو ما يدفعه لعدم التدخل في مصائر الأطفال، مثيرا النزعة البحثية.

وقال: بعد أن انتهت تجربته يحاول الدكتور أن يعدل في سلوك الأخوين السلبيين، بمساعدة أخوتهم الباقين، وهو الجزء الدرامي في الرواية، ولكن أحدهم ينغمس في قضية ويحكم عليه بالإعدام وهنا يطرح السؤال من المسؤول عن هذه النتيجة.

السلوك

وأكد على أنه لم يوغل كثيرا في طرح المعلومات على القارئ، بل جاء الأمر طبيعيا، وأوضح: انه أبرز عبر الرواية بأن السلوك هو انعكاس لسمات الشخص، أما إرادته فليست حرة تماما، وليس هناك طريقان يمكن الخيار بينهما، بل طريق يتم اختياره بتلقائية تحددها سمات الشخصية. وأضاف: إذاً الشخصية هي التي تحدد السلوك، ومدى مسؤولية إنسان عن أفعاله تعتمد على مدى مسؤوليته عن تكوين الشخصية، المؤلفة من الأفكار والمشاعر والسلوك، وهو ما يجعل كل إنسان مختلفا عن الآخر.