للرواية غواية دامغة الخصوصية، وكتابتها تقتضي هوسا بمزاولة الركض الذي يتخطى المسافات القصيرة بالمعنى الذي يفيد أن نزوع الخيال يستوجب تحقق مجازفة الترحال والسفر والتحول، هذا ما أكده الروائي المغربي إسماعيل غزالي خلال حديثه عن تجربته الأدبية في أمسية نظمها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في مقره في أبوظبي مساء أول من أمس، حيث اختزل غزالي تجربته في ورقة قرأها تحت عنوان "هندسة العدم" بينما أدار الأمسية الدكتور معن الطائي الذي أشار إلى أن الكاتب نادرا ما يتحدث عن تجربته الأدبية.
الرواية هندسة للعدم
بعد أن قرأ اسماعيل الغزالي قصة قصيرة بعنوان "بستان الغزال المرقط"، تحدث عن تجربته قائلا:" لم أكتب القصة القصيرة عن سبق إصرار وترصد بنية العبور إلى كتابة الرواية، ولم أكتب الرواية بالاحتكام إلى تجربتي في كتابة القصة القصيرة"، موضحا أنها الكتابة أولا، قبل تشكل النص، فالكتابة سيرورة أولى مستقلة والجنس الأدبي سيرورة ثانية مستقلة أيضا، وتواطؤهما ضمن مغامرة سردية، هو ما يتخلق عنه الأثر.
ونوه بأنه في رسم الخرائط الجديدة تكمن متعة التخييل التي لا تشترط سوى الحرية أفقا لهندسة العدم الهائل، فالرواية هندسة للعدم، بالنظر إليها ككتابة تيمم بوجه تخييلها شطر الغياب والنسيان. واسترسل بقوله إن الرواية لعبة حاذقة انتبهت باكرا لفخ الواقع وكمين التاريخ، فانتصرت للأعمق، العدم، الغياب، النسيان، عبر مغامرة الخيال الشعواء.
فانتازيا
واعتبر غزالي أن الواقع جزء من الخيال بدل أن يكون الخيال جزءا من الواقع، وعلى هذا النحو، أقترف كتابة السرد المسمى تجاوزا بالفانتازي. كما طرح غزالي عدة أسئلة منها: كيف تشيح الرواية العربية بوجهها عن الغرابة ولا تتجاسر على اللامألوف؟ ليصل للقول إن الأمر برمته ليس دعوة للارتهان إلى إرث الغرابة العربية في عصوره السّديمية الداغلة، بل هو محض غمزة وعي. وقال إنه ثمة متاهة تفخخ جسد الرواية، ويستدرج عطر غابتها المؤلف والقارئ معا منذ السطر الأول الشبيه بأول درج في سلم الصعود إلى أسفل الهاوية.
وفي معرض رده على سؤال حول تأثره بالثقافة الأمازيغية كونه أمازيغيا، قال إنه من المجحف أن تحصر هوية شخص في أحادية، ما يعني أنه إذا كنت من شمال أفريقية أمازيغي عربي فينيقي مسحوب على عرقية البحر المتوسط، فإن ذلك لا يلغي حضور التراث بالبعد الأفريقي وهو حضور للواقع. وأشار إلى أن هناك كاتبا أمازيغيا اسمه أحمد بوسفور شبه كتابتي بكاتب برتغالي، وفي هذا الإطار انتمي لبلد متعدد الهوايات، وهذه التعددية ظهرت من منطلق خاص في كينونتي.
إضاءة
ولد إسماعيل غزالي عام 1977في مدينة مريرت المغربية ، واحتفت رابطة القلم الدنماركية بكتابه القصصي " لعبة مفترق الطرق" صيف 2011 ، له العديد من الإصدارات منها مجموعة قصصية بعنوان "بستان الغزال المرقط" ورواية " موسم صيد الزنجور" .
