(كان اهتمامي في بداية مشواري الفني، قبل 35 عاماً، بإثبات قدراتي ومهاراتي الأكاديمية أسوة بالرواد الأوائل في مواضيع تحتكم إلى العقل في معالجتها، لأنحو مع تقدم تجربتي إلى البساطة والعاطفة والعفوية).. هكذا قال الفنان المصري محمد عبلة لدى افتتاح معرضه (عائلتي)، الذي نظم، أخيرا، في غاليري "آرت سبييس"، في مركز دبي المالي العالمي.
يلتقط الزائر عفوية الفنان وبساطة أسلوبه في جميع لوحات معرضه التي اعتمد فيها بشكل رئيسي على جماليات رسم الخط الخارجي السريع لحركة الشخوص، وعلى بساطة الألوان والموضوعات المستلهمة من ذاكرة أجواء العائلة والحنين إلى أزمنة كانت العائلة تشكل فيها خلية متكاملة. ومن طابع الصور العائلية إلى رؤية الفنان المعاصرة، يعيش الزائر في رحاب عالم قريب منه بحنينه، وبعيد عنه بقسوة واقعه، لينجذب إلى بساطة عالم الماضي حينما كان الأثاث أو الجدران هامشاً لحياة تفاعلية. حياة التقط عبلة نبضها ليعيد تشكيلها في مدن الزمن المعاصر التي تجسد حلم الإنسان في كل عصر وأوان.
خصوصية أسلوب
قال عبلة عن خصوصية أسلوبه المبسط الذي اعتبره البعض مأخذاً سلبياً يعكس سطحية الفنان: (هاجسي، ومثل أي فنان، أن أكون قريباً من الناس، والموضوعات الإنسانية وبساطة الأسلوب هي جسر التواصل معهم. وأريد أن ألفت إلى أن معظم رواد الفن العربي يحتكمون إلى العقل في لوحاتهم. وفي هذا السياق، فإنني لم أعتمد على أسلوب فني واحد خلال رحلتي الفنية، منذ تخرجت بتفوق من جامعة الفنون الجميلة في الاسكندرية وأنا أرسم، ليختار موضوعي أسلوبه الفني.
وكان الرسم هاجسي ولا يزال، منذ معرضي الأول في القاهرة عام 1978 الذي بيع بأكمله، وكذلك الأمر مع معرضي الثاني في ألمانيا في العالم التالي. وفي المانيا درست فن الحفر وعشت فيها لمدة 6 سنوات، ومنها انتقلت إلى سويسرا لأدرس علم النفس والنحت، وافتتحت مقراً للعلاج بالرسم).
وتحدث عبلة عن الصعوبات التي يواجهها كفنان تشكيلي: (الصعوبة الأكبر تكمن في اختيار الموضوع الذي يحفزني على الرسم، لذا أسافر كثيراً، وأقرأ أكثر في الأدب والشعر والصحف، وتستوقفني جماليات اللغة والسرد. كما أهتم بقراءة ما يكتبه الشباب لأعرف كيف يفكرون ويرون العالم).
جهد كبير
ولدى سؤاله، عن حيثية في ما إذا كان قد وجد سهولة أكبر في انتقاء موضوعاته، بعد انتقاله إلى أسلوبه الحالي المبسط،أجاب: (عل العكس من ذلك، إذ زادت الصعوبات، وفي الوقت نفسه، أدركت أن تناول الموضوعات الكبيرة الأكاديمي، عملية تأخذ جهداً كبيراً وزمنا طويلاً من الفنان، وكذلك تساهم في عزلته خلال بحثه عن الكمال، هذا الزمن المستغرق في إنجازها، يفقده الكثير من قدرته على التعبير والتفاعل مع الآخرين. وأما معاناتي كإنسان وفنان، فتبقى خارج المرسم، وعليه فمن لحظة دخولي للرسم أعيش حالة من المرح والحبور). ليس كل رسام فناناً
يحكي الفنان محمد عبلة، عن قناعته بأن الرسم في متناول الجميع: (الجميع قادر على الرسم، مع الأخذ في الاعتبار أنه ليس كل رسام فناناً. ونظمت الكثير من الورش الفنية لطلبة المدارس، وفي الشوارع، ليدرك من شارك فيها، قدرته على الرسم إذ استخدمت ورق النايلون الشفاف، ليرسم الطالب زميله في الجهة المقابلة، على النايلون الفاصل بينهما، عاكساً ملامحه الخارجية العامة، إلى جانب العديد من التفاصيل الأخرى).
