عقدت في العاصمة البحرينية المنامة مساء أول من أمس ندوة عن الدوريات الإعلامية المعنية بمناقشة الشعر في الوطن العربي، شارك فيها الزميل الشاعر حسين درويش من جريدةالبيان، والشاعر يوسف أبو لوز من جريدة الخليج، والشاعر عبده وازن من جريدةالحياة، وجاءت ضمن إطار شهر الشعر الذي أعلنته وزارة الثقافة في مملكة البحرين، في ضوء احتفالاتها بالمنامة العاصمة الثقافية العربية للعام الحالي، وأقيمت في متحف البحرين الوطني.
مناخات ومشروع
تحدث في الندوة الزميل حسين درويش عن المناخات السياسية التي تحكم مطبوعات الشعر، وأرجع ظهورها إلى مشروع فكري عام يرتبط بالأجواء السياسية المحيطة بنشوء المطبوعة التي يرى ضرورة مطابقة مشروعها الشعري لمشروع الفكر أو أن يكون المشروع الشعري ملبياً للمتغيرات الجارية على الجغرافيا العربية. وأشار درويش إلى بعض معوقات المجلات الشعرية وقلة انتشارها، وأرجع ذلك إلى ضيق مفهوم التقبل وربطه بفكرة المؤامرة على اللغة والدين والعرق والعادات والتقاليد. وطرح في ورقته قلقاً شخصياً، لأن إصدار مطبوعة شعرية يعد مغامرة كبيرة، في وقت ينصرف فيه الناس عن الشعر، وتتقدم حالة المرئيات التي تلبي حاجة الخيال وتعوض النقص الحلمي بطريقة ما.
الشعر كفن
وتحدث الشاعر يوسف أبولوز في ورقته «دفتر أحوال عربي» معرفاً بالشعر كفن ذاتي امتاز به العرب ينطوي على موقف ورأي. ثم تساءل ما هو المطلوب من مطبوعة شعرية منذ مجلة شعر اللبنانية،
وصولاً إلى مجلة «بيت الشعر» التي صدرت مؤخراً عن بيت الشعر في أبو ظبي. وأضاف قائلاً إن المجلة المتخصصة لم تكن تطلق الشعراء فقط، بل كانت تطلق النقاد أيضاً، وأردف مضيفاً كثر الشعراء وقل الشعر، لذلك ولدت الكثير من المجلات الشعرية وماتت بالتدرج، وقد عرّج في ورقته على أسماء مجلات انتهى بها المطاف إلى الموت. وختم أبو لوز مداخلته بتفاؤل مبرر، لأن مجلة جديدة تعنى بالشعر قد رأت النور في الإمارات «بيت الشعر»، معولاً على أعداد مقبلة ستعطي انطباعاً أفضل للمجلة الجديدة.
«شعر» نموذجاً
في حين تناول الشاعر اللبناني عبده وازن مجلة «شعر» اللبنانية نموذجاً عبر القضايا الرئيسة التي أثارتها، حيث إنها لم تكن منبراً شعرياً فحسب،
بل كانت حركة هدم وبناء، كما هي حركة تمرد وتأسيس.
وقد مر وازن على مؤسسي المجلة، وأبرز نجومها أمثال يوسف الخال وأدونيس وأنسي الحاج وشوقي أبي شقرا وفؤاد رفقة ومحمد الماغوط وغيرهم.
ثم تناول وازن في ورقته ثوابت المجلة، وكذلك ما تعرضت له من حملات نقدية، وعرج على تاريخها، حيث توقفت ثم عاودت الصدور عام 1967،
ولم تدم في صيغتها الجديدة أكثر من ثلاث سنوات فتوقفت في عام 1970. واختتم عبده وازن ورقته بالإشارة إلى حضور مجلة شعر في أي مشروع شعري جديد، لأنها تمكنت من ترسيخ مفهوم جديد للمطبوعة الشعرية عربياً.
إشكالات راهنة
الزميل الشاعر حسين درويش برر غياب حضور الشاعر بمجموعة مواضعات، حيث قال: في ظل غياب قائد ملهِم لأيّ ثورة، يتمتّع بمواصفات شخصيّة جذّابة (كاريزما) يكون لها مفعول السحر على الجماهير لتحريكها، يغيب كذلك الشاعر الرائي عن المجتمع، وهو حال الراهن العربي في ظل عدم نضوج فكرة الحرية، حيث لا أحد يقود الجماهير ثورياً أو شعرياً. وطرح سؤالاً إشكالياً هو: كم عدد المجلات الشعرية التي حملت اسم شعر منذ النصف الثاني للقرن الماضي وحتى اليوم، لكن ما هو صداها غير ذلك الصدى الذي تركته (شعر) ليوسف الخال؟
