بحث اختصاصيون في مجال الحكومة الإلكترونية، وخبراء إعلام، في المؤتمر السنوي الثاني لندوة الثقافة والعلوم، الذي نظم صباح أمس في مقر الندوة بدبي تحت عنوان: "الإعلام الاجتماعي الجديد في الإمارات"، آفاق المشهد الراهن للإعلام الجديد، وطالب بعضهم بتدريس الإعلام في قسم الاتصال الجماهيري، مؤكدين أنه حان الوقت لاستثمار العديد من البحوث، والدراسات العلمية، لتقديم »الإعلام الحديث» كمادة أكاديمية، مؤصلة بمنهج علمي، ضمن مبادئ ونظريات، تحدد كيفياته، توازياً مع دراسة طبيعة استخداماته.
وبينوا أن الإمارات تتصدر مشهد الدول النشطة في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، ونموذجاً رائداً، في مواكبة توظيف أدوات الإعلام الحديث، عبر إطلاق حكومة الإمارات الإكترونية، مبادرة الدليل الإرشادي للجهات الحكومية، توضح فيه نواحي وأطر استخدام شبكات التواصل الاجتماعي مع المستخدمين. وأشاروا إلى أن قلة وعي القائمين في داخل المجتمعات التعليمية بأهمية تدريس الإعلام الجديد، والتغيير البطيء لإعداد المنهج الدراسي، تحدي يعطل عجلة الحركة التفاعلية بين مستجدات شبكات التواصل الاجتماعي، ومنظومة قاعات الدارسة التقليدية.
آراء حول المشهد
هل يمكن تدريس الإعلام الحديث في الجامعات، وما هو مدى الوعي الفعلي داخل المؤسسات التعليمية لهذا الطرح، ومن المسؤول الأول والشريك الاستراتيجي، لإحقاق فكرة المادة العلمية في مجال الإعلام الاجتماعي محلياَ؟ أسئلة طرحتها (البيان) في استطلاع لرأي متخصصين في الإعلام، وطلبة قسم اتصال جماهيري، شاركوا في الحدث السنوي الثاني لندوة الثقافة والعلوم، بالتعاون مع حكومة الإمارات الإلكترونية، وكلية دبي للإدارة الحكومية. حيث أوضح سالم الحوسني، أن موجة شبكات التواصل الاجتماعي، لعبت دوراً اجتماعياً وسياسياً أخيراً.
وتصدرت فيها الامارات، بالتوازي مع دول الخليج، مشهد التفاعل النشط على تويتر، مبيناً أن السبب هو: الفرصة المتاحة للتواصل الأفقية بين الأفراد أنفسهم، وبين المستخدمين والقادة والمسؤولين. واعتبر الحوسني أن الدليل الإرشادي المعد من قبل حكومة الإمارات الإلكترونية، لتوظيف أدوات الإعلام الحديث، نموذج تفاعلي في مدى مواكبة الدولة، لامتيازات الشبكات الاجتماعية. وهي جميعها بشكل عملي منصب في تحسين وتطوير الخدمات التسويقية لخدمات المؤسسة المعنية، وبالذات التعليمية. ولفت الحوسني إلى أن استثمار أدوات الإعلام الحديث، وبشكل منهجي في مراحل المدرسية المبكرة إلى سن الجامعة، هي الخطوة النوعية للتطبيق العملي لعملية التوعية. ونوه أن المؤسسات التعليمية والتفاعل البطيء لإمكانية استثمار أدوات الإعلام الحديث، يعد تحدياً بحد ذاته.
غياب الوعي
وأشار الدكتور قيس التميمي، أستاذ إعلام، بجامعة الإمارات، أن مجالات الوعي بأهمية تدريس الإعلام الحديث لا يزال شبه غائب، عن أساتذة الإعلام بالدرجة الأولى، وقال حول الموضوع: " كنا ندرس مسبقاً في قسمنا بالجامعة، مادة تكنولوجيا الاتصال الجماهيري، وهي معنية بالأدوات التفاعلية للأقمار الاصطناعية والتلفزيون والراديو والعلاقات العامة، وتم إلغاؤها بسبب قلة الوعي بأهمية هذا المجال على المدى البعيد، واليوم نحن في أمس الحاجة، لإعادة تداوله داخل الفصل الدراسي من جديد".
وأضاف: أن مهمة أساتذة الاتصال في الوقت الراهن، تكمن في الإعداد البحثي، والتحليل المنهجي، لمتطلب جديد، وذلك بصياغة نظريات عامة، تؤسس تطبيقات متنوعة، يتم استيعابها من قبل الطالب في المجال الإعلام التفاعلي. ولفت أنه مساق "كتابة عمل بحث معمق"، المدرس في جامعة الإمارات، يستثمر أطروحات في استخدامات الجمهور لتكنولوجيا الإعلام الحديث وتأثيرها.
صورة نمطية
"صعب جداً، فالنظرة السائدة حول الفيسبوك،ما زالت محددة بمساحة للاستمتاع، ويستخدمها الشباب في أغلبها لعرض أمور شخصية أو فنية "، تحدي تقدمت به الطالبة ريتا سامر من قسم الاتصال الجماهيري، من جامعة الإمارات، مشيرة إلى أن طبيعة المحتوى في شبكات التواصل الاجتماعي، هو من يحدد مدى الاستفادة العلمية من تدريسها في الجامعات. ولكنها تتمنى فعلياً أن يتم إضافته في المنهج التدريسي، لأنه رهان إعلامي المستقبل. وجعل الطالب في قلب الحدث، وتغير الصورة النمطية، لفكرة الشبكات الاجتماعية كمواقع متعة وتعارف، إلى طرق يستفاد منها في معرفة الأحداث وتحليلها. وبينت أن اهتماماتها في الفيسبوك منصب في الاهتمامات الشخصية، ومجال الاخبار العامة والاقتصادية.
نقلة نوعية
من جهتها، قالت الطالبة هديل مازن، تدرس في قسم الاتصال الجماهيري، إن حضور الاعلام الحديث، وخصوصاً موقع الفيديوهات العالمي "اليوتيوب" ومواقع التواصل الاجتماعي، في المقررات الدراسية، ستحدث نقلة في مجال دراستهم. وستساهم في جعل الطلبة، يمارسون الحوار، وإدلاء الرأي في داخل الصف الدراسي، ومناقشته بشكل تفاعلي. دون الاكتفاء فقط، بالمشاركة الافتراضية. وبينت الطالبة إيمان عبدالله في هذا الصدد، أننا لا نختلف أن الربيع العربي أعطى حساً نوعياً لشبكات التواصل الاجتماعي، وإمكانية قياس جدوى تدريسها، يجب أن يستثمر بشكل تدريجي، لمعرفة نواحي الإيجابيات والسلبيات، بإعداد ورش عمل متخصصة، في داخل الصف الدراسي في البداية، ومنها يتم تبني النتائج.
مواد متجددة
ويرى الدكتور سعيد حارب، أستاذ العلاقات الدولية والإسلامية، أنه مهم جداً، تفعيل مسألة تدريس الإعلام الحديث أكاديمياً، وذلك لأن الطالب بدأ يتعايش معها بشكل يومي، وأصبحت مرتبطة بنواح عديدة من حياته، معتبراً أن الاعلام الجديد بحد ذاته يعد مجموعة من مواد متحركة، ومتجددة، تحتاج إلى تأصيل علمي.
جلسات نقاش
ناقش المؤتمر على مدار أربع جلسات: بروز وتطور الاعلام الاجتماعي الجديد، قدمها سالم الحوسني، نائب مدير حكومة الإمارات الإلكترونية، بينما قدمت الدكتورة أمينة الظاهري، أستاذة إعلام، في جامعة الإمارات، حديثاً عن مضمونه وتحدياته وآفاقه المستقبلية. وفي الجلسة الثالثة، فتح موضوع "البعد القانوني في الإعلام الاجتماعي الجديد" للدكتور حبيب ملا، وختاماً دور الشباب في الفضاء الافتراضي، تم فيه استضافة ناشطين على تويتر وفيسبوك في الإمارات، وهما: عبدالله العبدولي، وإيمان العوضي. وحضر الجلسات سلطان بن صقر السويدي، رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم، ومجموعة من الإعلاميين، والمتخصصين في مجال التقنية الإلكترونية، وطلبة الجامعات المختلفة بالدولة.
