أكد الناقد اليمني الدكتور نزار غانم: إن مواضيع الفن تجاوزت المتعة الجمالية، وتحولت إلى رسالة قومية. جاء ذلك في مستهل محاضرته "الملامح الإفريقية في الفن الشعبي اليمني" والتي ألقاها مساء أول من أمس، في مركز سلطان بن زايد للثقافة والإعلام، في أبوظبي.
أدار الأمسية الإعلامي نايف النعيمي، وقد استعان المحاضر نايف غانم خلال المحاضرة بالعديد من الصور والأغاني التي تدل على تأثر الفن اليمني بالفنون الأفريقية، وذهب إلى أبعد من هذا عندما برهن على أثر الفنون الأفريقية في السودان، ومصر، والإمارات، وغيرها.
تلاقح الثقافات
وقال غانم: إذا نظرنا إلى ما نعيشه الآن من هيمنة العولمة، نجد أنها ثورة في الاتصالات والمواصلات، أي الزمان والمكان، وهما متكاملان. وأوضح: التبادل التجاري أدى إلى نوع من الثقافة، وفي الفترة الأخيرة نجد أن فكرة التناص في الموسيقى أصبحت موازية لما في الأدب. وأشار: رقصة الليوا نجدها في اليمن وفي الإمارات، ومثيلتها في البصرى لكن باسم الهيوا، فالفنون الشعبية عنوان لمدخل كبير لدراسة المثاقفات المختلفة، خاصة من خلال النماذج الصوتية.
وقال: الجغرافيا تصنع التاريخ ويبقى للفن رصيد وأسماء، مع التفريق بين ما هو تقليدي وشعبي فالموسيقى التقليدية توجد في المدن، مع النخبة وتعتمد على النوتات، بينما يعتبر الغناء الشعبي إحساسا جمعيا. وأوضح: يلعب العنصر الجغرافي دوره الفعال في الغناء، فالساحل المفتوح يوحي بإيقاعات أسرع وأكثر حيوية من إيقاعات الداخل. ونوه: إن تلاقح الثقافات الشعبية والنخبوية، أدى لظهور فنون كالجاز والبلوز في أميركا، وهي ما يعكس التأثر بالفنون الأفريقية.
أجواء إفريقية
استعرض المحاضر بعض الفنون الغنائية، معلقا على تاريخها وأولها كانت رقصة البامبيلا، التي تعتمد في موسيقاها كما قال: على السلم الخماسي، الذي ينقل الأجواء الأفريقية، ويلبس فيها الراقصون سعف أشجار النخيل. وعن مثله الثاني وهو "الترطيق" أشار غانم: إنها طريقة بالغناء باللهجة السواحلية في قلب اليمن، ويشابهها في الإمارات ما يسمى بـ"اللوبان". أما في رقصة "الطمبورة" فهي علاجية ولها قدسية خاصة تشبه رقصات الزار. وعرض غانم رقصات سودانية قال عنها إنها تشبه لحن سر الليل المتعارف عليه في اليمن. كما عرض ألحانا من عدن لمغنين شعبيين أمثال خليل محمد خليل.
وأوضح: هذه النماذج عندما تضاف إلى بعضها البعض، فإن الإعلام ليس بالضرورة أن يكون موفقا في خلق نوع من المعادلة الثقافية. وأشار: إن التأثر لا يعني البقاء على التقاليد الفنية كلها بل قد يعاد إنتاجها من جديد، مثل رقصة الليوا في زنجبار، وهي في الأصل ترقص مختلطة أي رجلا ونساء، ولكن في اليمن لا ترقص مختلطة، لأن المجتمع محافظ، إذن من الممكن أن تلغي الكثير من الأشياء. إضاءة
الدكتور نزار غانم، يعمل أستاذا مساعدا بقسم طب المجتمع بكلية الطب بجامعة صنعاء، ولديه اهتمامات بالموسيقى والعمل الأهلي والمدني. إذ عمل مستشارا ثقافياً مساعداً بسفارة اليمن بالسودان، كما أنه عضو الهيئة الاستشارية لمشروع الحفاظ على الغناء الصنعاني بمركز التراث الموسيقي اليمني، وله عدة كتب منشورة، منها "جذور الأغنية اليمنية في أعماق الخليج"، وأشرف على إعداد المكون الموسيقي في التقرير العربي الرابع للتنمية الثقافية.
