"حضر إلي المرحوم ابراهيم سكجها، الذي أعتبره الأب الروحي الثاني وعرض عليّ العمل معه لتأسيس جريدة البيان في دبي، .

 

وكان ذلك في نهاية عام 1979 وبداية عام 1980، حيث عملت مديرا فنيا ورساما للكاريكاتير فيها. أستطيع القول إن بداية احترافي الحقيقية للكاريكاتير كانت في دبي، .

 

لأني أصبحت متفرغا لهذا العمل ولقد كانت تجربتي في البيان رائعة بكل المقاييس، حيث عدم التدخل من رئيس التحرير في عمل الرسام، أضف الى ذلك نماذج الحضارات الموجودة في تلك المدينة الجميلة وتنوعها، .

 

وقد طبعت في الفترة ما بين الثمانين والتسعين أربعة مجموعات للرسوم الكاريكاتيرية على نفقة الجريدة"، بهذه الكلمات كتب رسام الكاريكاتير جلال الرفاعي، الذي غيبه الموت أول من أمس، خلال سرده لسيرة حياته، في كتابه الصادر عام 2010 (مكانك سر)، الذي يحوي نحو 170 رسما كاريكاتيريا منها الاجتماعي ومنها السياسي.

 

وشيع محبو الرفاعي أمس في عمان جثمانه إلى مثواه الأخير بعد عقود من العطاء والإبداع والنضال بالريشة والكلمة فنانا عريقا رحل بعد مسيرة حافلة من الابداع والفن والكاريكاتير الذي اشتهر به، سواء على صعيد الشكل أو الخط أو الشخصيات.

 

وضوح وبساطة

تلقى زملاء جلال الرفاعي، الذين عملوا معه في " البيان" نبأ وفاته بكل أسى، معربين عن أسفهم على هذا الرحيل المبكر، بينما راحت تتداعى إلى أذهانهم ذكريات مشتركة جمعتهم بالراحل، حيث قال الزميل كامل يوسف رئيس قسم الترجمة في صحيفة (البيان) إن رحيل الفنان جلال الرفاعي " يذكرنا بالحقيقة السائدة في الوطن العربي وهي أننا لا نتذكر مبدعينا إلا عند رحيلهم، الأمر الذي يفتح الباب أمام تساؤل موجع .

وهو: أما كان أحرى بنا أن نتذكرهم ونكرمهم وهم على قيد الحياة وفي سمت عطائهم؟" كما أكد يوسف أن الحقيقة الأولى التي يستحضرها الذهن في لحظة وداع الرفاعي هي أنه جمع بين صفاء الروح ووضوح الموقف، وانعكس هذا بقوة في رسوماته وفي مواقفه أيضا، وقال:" لعل أبرز ما اتسمت به هذه الرسوم وتلك المواقف هي الوضوح والبساطة والتوجه بقلب مفتوح نحو المتلقي بعيدا عن الغموض والالتباس والتمسح بأنصاف الحلول".

فنان قضية

الفنان التشكيلي فواز أرناؤوط، الذي عمل مع الفنان الراحل في القسم الفني نفسه بجريدة "البيان" قال:" شاهدت أعمال جلال سنة 1978 في معرض الكاريكاتير العربي الأول في دمشق، وكنت مشاركا في ذلك المعرض، وتعرفت عليه عام 1980 في جريدة (البيان)، حيث تزاملنا العمل وكان رئيس القسم الفني الذي كنت أعمل فيه. وكانت لنا نقاشات كثيرة بمجال الفن التشكيلي والكاريكاتير، وكان يطلعني على لوحاته الزيتية التي كان يرسمها في مرسمه الخاص بدبي". وأضاف أرناؤوط إن الفنان الراحل كان:"

من أوائل رسامي الكاريكاتير في الوطن العربي وقد تميزت تجربته الفنية بالبساطة ورمزت إلى حالة القهر التي يعيشها الانسان العربي"، حيث كان الفنان مرتبطا إلى حد كبير بقضيته الفلسطينية مثلما كان يتمتع بمناقب أخلاقية حميدة من ناحية المعاملة وحب الآخرين وكان متواضعا في إدارته للقسم الفني في (البيان).

مدرسة باقية

عريب الرنتاوي مدير مركز القدس للدراسات السياسية قال عن الراحل: إن جلال رحل لكن مدرسته بقيت، رحيل المبدع والإنسان، وأحد أهم أعمدة الكاريكاتير في الوطن العربي. ويضيف لن ينسى العاملون في هذا الحقل أن الراحل كان أول من أدخل فن رسم الكاريكاتير في الصحافة الأردنية على نحو منهجي ومنظم ومستدام، ليستحق لقب الأب الروحي لفن الكاريكاتير في الأردن.

كما يقول المفكر الاردني حسني عايش إن الرفاعي قضى نحو 40 سنة متواصلة متعبدا في محراب هذا الفن ولم ينضب معينه وان دل هذا على شيء فإنما يدل على تواصل خلقه وابداعه ورسالته ومتابعته للشؤون العامة بعين الصقر وقلب الانسان النبيل، بينما قال رسام الكاريكاتير عماد حجاج إن رحيل الفنان الرفاعي يشكل خسارة كبيرة لفن الكاريكاتير في الاردن خاصة، وفي العالم.