ضمن الندوات التي حفل بها المهرجان، حاور الكاتب المصري كمال عبد الملك، أول من أمس، الكاتب الليبي إبراهيم الكوني، في ندوة هيمنت ثنائيات الصحراء والمدينة عليها، والانسان الرحالة والإنسان المستقر، حيث نبش عوالم الصحراء ومخزونها.

 

عناصر الصحراء

ورغم أن عنوان هذا الجلسة يوحي بتعدد اتجاهات الحوار مع مؤلف رواية ( نزيف الحجر)، إلا أنه كان من الطبيعي أن يتركز على أطروحته الفلسفية الأساسية وحضورها المكثف في عالمه الأدبي القائم على عنصر الصحراء سر الوجود ومنبع الطبيعة ومنهل الحرية إن لم تكن هي الحرية والطبيعة والوجود بحد ذاتها كما يعتقد الكوني الذي يعتقد بعض النقاد أنه ينتمي أدبيا إلى تيار الرومانسية الجديدة.

ومن بين أبرز المقولات التي تحدث عنها الكوني أن الانسان عندما كان رحالة كان حرا، لكن عندما استقر به المقام نشأت السلطة التي يصفها الكوني بأنها سلطة غير أخلاقية، وقد تزامن ظهور السطلة مع ظهور الخطيئة وكذلك اغتراب الانسان عن أخيه الانسان ، أي أن الكوني يدعو الانسان إلى حالة رحيل دائمة، لأن الرحيل رمز للموت والاغتراب والابتعاد، والموت رمز لحرية الحريات، لذلك يؤكد الكاتب أن الرحيل هو الترجمة الحقيقية لحرية يصبح الناس جميعا في ظلها مغتربين، وهذا يعني أن الترحال يشكل أحد مكونات الإنسان الحر، الذي يريد استعادة الفردوس المفقود المتمثل في الحرية، حيث لا حقيقة بلا حرية ولا حرية بلا حقيقة.

 

أطروحة فلسفية

ويتكئ الكوني في أطروحته الفلسفية هذه على مقولات يستقيها مما قاله القديسون، الذين استشهد بهم كثيرا، كتلك المقولة التي تتحدث عن أن الرحل هم الأمة السماوية (الجنة)، بينما المستقرون هم قبيلة هابيل الملعونة، ومن هنا يستمد مبدأ الرحيل الأبدي الذي يدعو إليه الكوني شرعيته، لا سيما وأنه يرى أن الفرسان الحقيقيين هم الذين يعيشون خارج أسوار المدن، وهم من ينقذون سكان المدن المساجين خلف قضبان مدنهم الضيقة، لذلك ينصح القديسون باستضافة الغرباء، كما أنها هذه عادة عربية قديمة، فالراحل ملاك والتفسخ يأتي من لعنة الاستقرار.

 

محاور في اللغة

كما فتحت الجلسة الحوارية مجموعة من المحاور للنقاش منها محور اللغة، التي قدم الكوني فيها أطروحة أخرى تقول إن الكلمة تقوم على الحرف الساكن، الذي كان يدل في اللغة الأم بمفرده على معنى متكامل ويشكل كلمة كالملة، وأن حروف العلة اضيفت لأسباب تتعلق بالموسيقى بينما لم يكن لها أي دور في الكلمة ولا معناها، والدليل، حسب رأي الكوني، أنه عندما نحلل أي كلمة نسقط حروف العلة منها ونبقي على الحروف الساكنة التي هي الوحيدة التي يعتد بها.