لم تكتب الروائية الإماراتية سارة الجروان الكعبي روايتها الحديثة الصدور (عذراء وولي وساحر)، كما كتبت رواياتها السابقة، لأن فكرة هذه الرواية جاءتها دفعة واحدة، مثل أبيات قصيدة، مستوحاة من وحي الخيال. صدرت هذه الرواية حديثاً عن الدار العربية للعلوم في بيروت، وشقت طريقها بسرعة إلى عالم الروايات الجادة، التي تأخذ من المعرفة والنصوص الكلاسيكية، وتحولها إلى مادة معاصرة تهم القراء على مختلف مشاربهم واتجاهاتهم ومستوياتهم. التقينا الكاتبة سارة الجروان، وسألناها عن أحدث أعمالها التي صدرت في الدار العربية للعلوم في بيروت:

هل يمكن كتابة رواية مثلما يكتب الشاعر قصيدته؟

أعتبر كتابة هذه الرواية تحد كبير في لنفسي من حيث استحضار أجواء الحميمية والحب، مما أتاح لي أن أتعامل مع شفافية معنية مع الموضوع الذي يدور حول ابتلاء الولي، بداء العشق للذات الإلهية، وكذلك عشقه إلى (تناهيد) البطلة التي يراها على هيأة خطيئة، لذا يعيش متأرجحاً ومعذباً بهذا الحب. أتخيل بأن أحد ما همس لي بهذه القصة، كنوع من الهذيان.

هل يمكن أن نقول أن هذه الرواية مستوحاة من الصوفية؟

لقد استشهدت في بداية الرواية بجلال الدين الرومي، بل أنني كتبت الرواية بكاملها بروح هذا الرجل الصوفي، وعباراته وكلماته مبثوثة في الرواية، وقد تماهيت مع أقواله إلى حد كبير. وغرقت في عالم قديم جداً بعد ظهور الإسلام بفترة قصيرة، ولكنني حرصت أن يكون الزمان والمكان غير معروفين. وحتى أسماء الأبطال غريبة، حيث نجد مولاي شكرة، ومولاي خادم عز الدين جلال.. والساحر شلعم

هل تم التخطيط لكتابة هذه الرواية؟

أبداً، لم أخطط لكتابتها، ولكني شعرت أثناء كتابتها كالمأخوذة بهذه الحكاية، لم أنم طوال ثلاثة أشهر، مدة كتابة الرواية، كأنني في مخاض عسير. اعتزلت في البيت، وسافرت على أجنحة الخيال والروح، فيما تتدفق علي الرواية وكأنها تخرج من اللاوعي. ووجدتني أجلس أمام جهاز الكومبيوتر الصغير وكأن شخص ما يملي علي الرواية.

المعروف أنك لم تتحدثي عن العلاقات الحميمية في رواياتك السابقة، لماذا اخترت الحديث عنها الآن؟

كنت على الدوام أرفض الحديث عن العلاقات الحميمية، وأرفض توظيفها بالطرق الشائعة في رواياتي السابقة، لكني في هذه الرواية خرجت عن ذلك، لأنني اعتبرت الحميمية والحب جزءا من الحياة وامتدادا لها. كما واجهت جميع العقبات التي واجهها هذا الولي.

إذا نحن أمام توظيف النص الديني في العمل الروائي؟

بالتأكيد، وتوظيف النص الديني ليس سهلاً كما تعلم، وخاصة في القصص القرآنية، التي حاولت أن أحوّلها إلى مادة نصية بقدرة المهارة الإبداعية إلي نص روائي، أضفت إليه مسحة روحانية، وربما صوفية لتجعل منه نصاً يقرأ.

ما هي ملامح هذا الولي؟

تعاملت مع شخصية "مولاي شكر"، باعتباره نموذجاً لعالم الطهر والصفاء الروحي في مقابل عالم الواقع المتمثل بالرغبة والصراع بينهما. ما جعل هذا العمل يقوم علي معادلة شاقة تمثل قاسماً مشتركاً بين عاملي الطهر والدنس وبين حب الحياة وحب الله، وكيف للحب الدنيوي أن يفضي في النهاية إلي حب أكبر وأعظم هو حب الذات الإلهية والتماهي معها إلى أقصى الحدود.

شخصية (مولاي شكرة)، هل هي شخصية واقعية؟

نرى (مولاي شكرة) يقاوم الرغبات الدنيوية، وهي أقرب إلى الشخصيات الصوفية، إنها شخصية من وحي الخيال، ولكنها يمكن أن تكون شخصية واقعية أيضاً.

 

مسار أدبي

 

سارة الجروان ولجت عالم الكتابة في سن مبكرة، فكتبت الخاطرة ثم القصة القصيرة، فالرواية والمقال، نشرت في مجلة (زهرة الخليج) (يوميات مجندة). ثم اتجهت مؤخراً إلى كتابة السيناريو لمسلسلات كرتون وأفلام سينمائية. ملتقى الشارقة للرواية في دورته الرابعة سنة 2009 اختار روايتها (شجن بنت القدر الحزين)، باعتبارها أول رواية نسائية في الإمارات. أما أشهر إصداراتها فهي (أيقونة الحلم) مجموعة قصصية، ورواية (رسائل إلى السلطان) ورواية (طروس إلى مولاي السلطان). وقد حازت الكاتبة عدة جوائز منها: جائزة أفضل تأليف إماراتي لعام 2003 عن مجموعتها (أيقونة الحلم).