رغم أهمية الفيلم القصير في عالم السينما، كونه يشكل جزءاً مهماً من عالمها الواسع، إلا أنه لا يزال مظلوماً في المنطقة العربية، رغم وجود العديد من المهرجانات السينمائية التي تسعى إلى تعزيز تواجده بين العروض السينمائية الموجهة إلى الجمهور.
وبالاعتماد على قاعدة أن السينما بدأت أصلاً من الفيلم القصير، إلا أن معظم مخرجي هذه النوعية الذين استطلعنا آراءهم اتفقوا على أن حقه مهضوم في المنطقة العربية، ولا يقتصر تواجده إلا على المهرجانات فقط، وطالبوا بضرورة ايجاد قنوات أخرى بخلاف المهرجانات لتوسيع نطاق عرضه في المنطقه، لا سيما وأن هذه الأفلام قادرة على اختزال الفكرة في دقائق معدودة.
حادث
افتقار الفيلم القصير للعمل الاحترافي، وعدم وجود سوق حقيقي له، سببان اعتمد عليهما المخرج البحريني ياسر القرمزي، صاحب فيلم "حادث" في تعليقه على ذلك، وقال: "يكاد الاهتمام بالأفلام القصيرة يكون مقتصراً على مهرجانات السينما التي تقام في المنطقة، وأعتقد أنه يجب علينا البدء بالتفكير في طرق أخرى لتفعيل وجود هذه الأفلام على الساحة، إلى جانب المهرجانات التي تعد متنفساً لصناع الأفلام الذين يتخذون من الفيلم القصير جسراً نحو الطويل".
وأضاف: "وجود سوق تجاري لهذه الأفلام من شأنه خلق اهتمام أكبر بها، وسيرفع نسبة صناع الأفلام القصيرة، وسيقودنا إلى تقديم عمل مثالي يساهم في تحويل الفيلم القصير إلى واقع".
القرمزي يرى أن الحل يكمن في الوصول للمتفرج، معتمداً على وجود شريحة في المجتمع العربي تفضل هذه الأفلام، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه يجب على صناع الفيلم القصير أن يكونوا أكثر اجتهاداً في الوصول للجمهور.
الشائبة
الكويتي أحمد التركيت مخرج فيلم "الشائبة" يرى أن السبب يكمن في عدم تغلغل الثقافة السينمائية في المجتمع العربي، وقال: "لا يوجد لدينا تركيز عال في القطاع السينمائي على الأقل خليجياً، لأن الجمهور وحتى المنتج هنا يفضل التوجه للمسلسلات الدرامية، وبتقديري أن هضم حق الفيلم القصير عربياً ناجم أساساً عن افتقارنا للثقافة السينمائية العامة، وتفضيل الجمهور للفيلم الطويل، رغم أهمية الفيلم القصير العالية وقدرته على اختزال الفكرة في مدة زمنية قصيرة".
وتابع: "ما تقدمه مهرجانات المنطقة، والانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي لا يعد كافياً لدعم صناعة الفيلم القصير، إلا إنها تشكل قنوات مهمة لتغيير مفاهيم الجيل الحديث حيال الفيلم القصير".
في المقابل، يرى منتج فيلم "رياح الشرق" تيمو فون جونتين، أن الأفلام القصيرة طريقة جيدة لجذب انتباه الجمهور، وقال: "نحن نعيش في عصر السرعة، وأعتقد أنه بدلا من الجلوس لمتابعة فيلم طويل مدته ساعتين، فالأفلام القصيرة يمكنها اختزل الفكرة في دقائق معدودة، ولكن لا نزال نحتاج إلى وقت ليبدأ الجمهور بالتعود على نوعية الأفلام القصيرة".
وأشار إلى أن تعود الجمهور معتمد اساساً على مدى اقبال المخرجين أنفسهم على صناعة الفيلم القصير، بحيث لا يكون لديهم مجرد جسر يمرون عليه وصولاً الى الفيلم الطويل.
السعودي عبد الله أحمد مخرج فيلم "نص دجاجه" أشار إلى أن الفيلم القصير قد أخذ حقة في الخليج على حساب الفيلم الطويل، وقال: "بقدر تواجد الفيلم القصير المكثف في الخليج، إلا أنه يكاد يكون غائب في المنطقة العربية، لتعامل معظم صناع الأفلام معه على أساس أنه مرحلة تقودهم للانتقال للفيلم الطويل، رغم أن هناك مجموعة من المخرجين العالميين الذين تركوا بصمة واضحة في تاريخ السينما لا يزالوا يتعاملون مع الفيلم القصير ويقبلون عليه بشغف واضح".
تواصل اجتماعي
يتفق معظم المخرجين على أنه بامكان مواقع التواصل الاجتماعي لعب دور مهم في توسيع قاعدة الفيلم القصير في المنطقة العربية، لسهولة الوصول اليها، فيما دعا بعضهم الأخر الى ضرورة الاستفادة من انتشار التلفزيون الذي يبقى المفضل لدى سكان هذه المنطقة، مؤكدين بان ذلك سيساعد على تعميق ثقافة الفيلم القصير لدى الجمهور.
