يخوض الفنان السوري ماهر صليبي تجربة إخراج تلفزيوني للمرة الأولى من خلال المسلسل الجديد مرسوم عائلي والذي يقدم فيه مادة درامية كوميدية تقوم على مبدأ الأستوديو الواحد أو السيدكوم، حسب المصطلح التلفزيوني المتعارف عليه، وتبرز أهمية هذه التجربة في تصدي ماهر لإخراج عمل في مكان واحد قادما من عوالم المسرح.
حيث عرف مخرجاً له بصمة هامة في المسرح السوري من خلال رؤية إخراجية قدمها لتسعة عروض مسرحية، ويبدو أن الرهان قائم في هذه التجربة، على تقديم مادة كوميدية مختلفة ذات خصوصية، بمشاركة نخبة من نجوم الكوميديا في سوريا وعلى رأسهم الفنان أيمن زيدان. ويعترف ماهر أن خوفاً ما انتابه من هذه التجربة التي يخوضها للمرة الأولى، ولكن التمهيد الذي سبقها بتقديم الفيلم السينمائيحكاية مطر، قبل عامين، ومشاركته في مهرجانات عدة، ساعده إلى حد كبير في تخطي اللحظات الأولى في تصوير هذا العمل، ذلك ان تصورا عن علاقة المخرج بالكاميرا قد أحس به قبل الآن، وربما ساعده على الدخول بقوة في تفاصيل آلية العمل مع الكاميرا، والآن يقود ماهر طاقم احترافي باتجاه الانتهاء من تصوير المسلسل بعد أسابيع قليلة.
ويرى ماهر صليبي أن تقديم أول فرصة درامية تلفزيونية له عبر فضاء تلفزيون دبي، الذي يعتبر الجهة المنتجة لهذا العمل، فرصة مهمة بالنسبة إليه،من أجل الحصول على أفضل متابعة لعمله، ذلك أن تلفزيون دبي برأيه أحد أهم التلفزيونات العربية الآن وقد استطاع في السنوات الثلاث الماضية تحقيق تصور إعلامي متميز من خلال مادته العربية المنتقاة بعناية واهتمام، ويؤكد ان المشاهد العربي وعلى الرغم من كثرة المحطات الفضائية وتعددها وتحولها إلى عبء عليه في كثير من الأحيان ، إلا أنه صار قادراً على اختيار الأفضل من بين تلك المحطات وتفضيلها على غيرها ..
ويرى صليبي أن الفارق شاسع بين الإخراج المسرحي والإخراج التلفزيوني، لأنهما ينتميان لمظهرين فنيين مختلفين مع الأفضلية للمسرح، لأن في المسرح يذوب الممثل والمخرج في وعاء الإنسان والروح والجمال. ويوضح فكرته بالقول: الإخراج في المسرح هو وجهة نظر خاصة، ويعني بشكل أو بآخر، أن صاحب الرؤية لديه مشروع يسعى لإيصاله للمتلقي، فالمخرج هو رب العمل وهو المسؤول عن العمل والمسرح عموما يترك مجالاً للاسترخاء والنقاش والتحاور الوجداني بينما في التلفزيون الوضع مختلف إلى حد كبير، إذ لا تستطيع الكاميرا على الرغم من عوالم السحر التي تثيرها ان تقدم تفاصيل اللعبة المسرحية التي تجعل المشاهد يقترب من حميمية المشهد وحيوية الفكرة والمعالجة، ويبدو اللاعب في التلفزيون ممثلاً يقترب من المهنة والحرفية، في حين هو في المسرح ممثل بامتياز.
واقتصرت مشاركة صليبي التلففزيونية العام الماضي على مسلسلات (ليس سراباً) و (الحصرم الشامي) الذي عرض حصرياً على قناة أوربت ومشاركة بلوحة في (وجه العدالة )، و(أهل الغرام).
وعن إقلاله بالظهور في الأعمال التلفزيونية، يشير صليبي إلى أن ليس كل ما يعرض عليه يناسبه في دوامة المسلسلات المتلاحقة، التي تبحث عن ممثلين قبل ان تبحث عن موضوعات لائقة ومشاهدة مثالية ، ويبرز الهم الإنتاجي، على حد تعبيره أحد معوقات تقديم دراما تلفزيونية واضحة المعالم . وويعتبر صليبي أنه سعى لتقديم عوالمه التي تمناها في مسلسل مرسوم عائلي الذي يخرجه الآن .
وفي سياق توجهاته الجديدة، قرر ماهر صليبي تأجيل تقديم أعمال استعراضية او افتتاح مهرجانات كبيرة كما كان يحصل معه وكما قدم لفترة طويلة حفل افتتاح وختام مهرجان السينما في دمشق، لرغبته في تقديم حلول إخراجية جديدة، ترقى إلى مستوى نقلة نوعية في حياته المهنية، وسبق لماهر أن أخرج حفل افتتاح حلب عاصمة الثقافة العربية وحفل رياح الجنوب وحفل افتتاح مهرجان الفجيرة للمسرح والمونودراما وافتتاح مهرجان دمشق السينمائي لعدة دورات متتالية.
ويرى ماهر في زواجه من الفنانة يارا صبري هامشاً حيوياً للاستقرار ضمن عائلة صغيرة، تعيش على التفاهم والحب بمنتهى الإحساس بالمسؤولية من قبل الطرفين.
ويتابع قائلاً: ان يارا هي العين الثالثة التي تصوب أخطائي، وتقول لي رأيها بصراحة في الأعمال التي أنجزها، وتتفهم طبيعة عملي وهي مهتمة بأن تقدم له كل ما يجعلني مرتاحاً في أداء عملي كممثل وكمخرج، ولو أن الإخراج يتطلب مني وقتا إضافيا خارج البيت ولفترات طويلة أيضاً..
وختاماً، ينوه ماهر صليبي بأهمية الاستقرار في حياة الفنان، لأن نجاح العائلة يؤدي لنجاح الفنان في عمله أيضاً، نافياً الوجه الايجابي لتقلب الفنان في حياته العائلية والاجتماعية.
