مارك سورمان

لا يمر يوم دون أن يتساءل كثيرون: متى ستنفجر فقاعة الذكاء الاصطناعي؟ وماذا سيكون السبب؟

إنني أعتقد بشكل متزايد أن نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر قد تكون هي الشرارة التي تفجر هذه الفقاعة.

وتفترض التقييمات العالية الحالية للذكاء الاصطناعي وجود مزايا تنافسية هائلة ومستدامة، وقد أخذ المستثمرون في الحسبان افتراض أن عدداً قليلاً فقط من الشركات قادر على بناء نماذج ذكاء اصطناعي رائدة، ما يسمح لها باحتكار السوق، لكن إذا استطاعت النماذج مفتوحة المصدر أن تضاهي أداء النماذج المغلقة بتكلفة أقل بكثير، فإن هذا الافتراض سينهار.

ويكفي أن ننظر إلى مليارات الدولارات التي استثمرت في «أوين أيه آي» و«أنثروبيك»، بالإضافة إلى الاستثمارات الداخلية في جوجل، وإذا حان وقت إدراك الأسواق أن النماذج المغلقة قد تكون مفيدة للأبحاث المتطورة، لكنها غير ضرورية لمعظم تطبيقات الذكاء الاصطناعي، فإن التقييمات ستنهار.

وتؤكد دراسة حديثة، أجراها الخبير الاقتصادي، فرانك ناجل من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، مدى جودة نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر، فهي أرخص بست مرات في المتوسط من النماذج المغلقة المكافئة.

وهي تنجح في تقليص فجوة الأداء في غضون أشهر قليلة من كل إصدار جديد لنموذج مغلق، كما أن وتيرة هذه الدورة الحاسمة تتسارع، وإذا اختار المستخدمون أفضل نموذج ذكاء اصطناعي متاح بناء على السعر والأداء فسيوفرون ما بين 20 و48 مليار دولار سنوياً.

صحيح أن كلاً من «أوبن ايه آي» وجوجل قامتا بتطوير نماذج مفتوحة المصدر - مجانية الاستخدام ومرنة إلى حد ما، لكن هذه النماذج غالباً ما تبدو كونها مشاريع جانبية، ومن غير المرجح أن تستحوذ على حصة سوقية ما لم تبذل الشركات جهداً أكبر في تطويرها.

ومن الملاحظ أن الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر صينية، وبالفعل تتفوق نماذج «ديب سيك» و«علي بابا» بانتظام في معايير الذكاء الاصطناعي الشائعة الاستخدام.

وأظهرت دراسة حديثة، أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومنصة المطورين «هاجينج فيس» انخفاضاً حاداً في الحصة السوقية للنماذج مفتوحة المصدر من جوجل وميتا و«أوبن ايه آي»، في مقابل زيادة ملحوظة في استخدام نماذج مثل «ديب سيك» و«كوين».

وتسعى الشركات الغربية ومراكز الأبحاث لملاحقة ذلك عن كثب، وقد أطلقت شركة «ميسترال» الفرنسية الناشئة جميع نماذجها الجديدة مصدراً مفتوحاً، وقد حل نموذج «ميسترال لارج 3» في المركز الثاني بين نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر غير المنطقية على منصة «إل إم أرينا»..

ليقترب تماماً من منافسيه الصينيين، كذلك أصدر مختبر «ايه آي 2» في سياتل مجموعة جديدة من نماذج «أولمو» مفتوحة المصدر بالكامل، ما يعني الكشف عن جميع مراحل عملية التطوير، بدءاً من بيانات التدريب الأساسية، وصولاً إلى المعايير، التي تحدد مخرجات النموذج.

وتعد المرونة والفائدة الإضافية، التي يوفرها هذا النموذج مفيدة جداً للمطورين، الذين يبنون تطبيقات وخدمات تعتمد على نماذج الذكاء الاصطناعي.

والأمر المثير للاهتمام - والقلق في الوقت نفسه - هو توجه الحكومات نحو استثمار مبالغ طائلة في نماذج الذكاء الاصطناعي المغلقة.

حيث تتحدث الدول الأوروبية - ودول مثل كندا- كثيراً عن السيادة التكنولوجية واستخدام الذكاء الاصطناعي، لدفع عجلة النمو الاقتصادي.

ومع ذلك من الواضح أنها تتجاهل حقيقة أن الاعتماد على المصادر المفتوحة قد يمكنها من تحقيق هذه الأهداف بشكل أسرع، وأقل تكلفة من دعم شركات التكنولوجيا الكبرى.

والأهم من ذلك أن دمج الحكومات لنماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر في خططها قد يكون عاملاً حاسماً في تحديد ما إذا كانت ستفوز أم ستخسر في سباق الذكاء الاصطناعي على المدى الطويل.

وقد تأتي نقطة التحول قريباً، عندما تعلن شركة كبرى عن تحولها من نموذج مغلق إلى بديل مفتوح، أو عندما يتم بناء تطبيق استهلاكي رائد على نموذج مفتوح بالكامل، سيدرك المستثمرون أن قواعد اللعبة قد تغيرت.

والسؤال المهم الآن: من سيكون الرابح عندما تنفجر الفقاعة؟ إذا كان انهيار فقاعة الإنترنت مؤشراً فقد يكون الرابح هم مطورو نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر.

فقد أثبت نظام التشغيل لينكس المجاني مفتوح المصدر - الذي يعمل عليه 90% من الحوسبة السحابية العامة اليوم - مرونته في أعقاب ذلك الانهيار، وقد يتكرر النمط نفسه اليوم، وهكذا فإن الشركات ذات التقييمات المنخفضة حالياً قد تشهد ارتفاعاً كبيراً غداً.