ما هو السعر الذي يمكن اعتباره منخفضاً جداً للطاقة الشمسية؟ لم تكن الكهرباء المتجددة يوماً أكثر أهمية من الآن في التحول العالمي للطاقة، لكن أهم تقنيات الطاقة النظيفة في العالم تمر بأزمة خلال الفترة الحالية.
ويعاني قطاع الطاقة الشمسية في الصين، والذي يهيمن بدرجة كبيرة على الإنتاج العالمي، واحدة من أعمق وأطول فترات الركود في تاريخ هذه الصناعة.
وخلال النصف الأول من هذا العام، قامت الصين بتركيب 256 جيجاوات من الطاقة الشمسية، أي أكثر من ضعف ما أنتجته بقية دول العالم مجتمعة، وذلك وفقاً لبيانات لمركز أبحاث الطاقة «إمبر».
لكن من المهم معرفة أن المصانع الصينية قامت بإنتاج أكثر من ضعف هذه القدرة. لذلك، لا عجب إذن أن أكبر أربع مجموعات محلية للطاقة الشمسية سجلت خسارة إجمالية قدرها 1.5 مليار دولار في النصف الأول من هذا العام.
ويعكس ذلك جزئياً حقيقة أنه في ظل وفرة الإنتاج، أصبح تصدير الألواح الشمسية المصنعة في الصين أكثر صعوبة. وتمثل شينجيانغ حوالي 40% من الطاقة الإنتاجية العالمية للبولي سيليكون، وهي المادة اللازمة لصنع رقائق وخلايا الطاقة الشمسية. وقد تعقد تصدير المنتجات إلى الولايات المتحدة بموجب قانون منع العمل القسري للإيغور، الذي يحظر دخول أي سلع مصنوعة من مواد يكون مصدرها من هذه المنطقة.
كما تزداد الأمور صعوبةً بالنسبة للتصدير إلى الهند وأوروبا، وهما من أكبر أسواق الطاقة الشمسية وأسرعها نمواً في العالم. وبينما تستمر الهند في الاستيراد من الصين، إلا أنها تتجه نحو رفع الرسوم الجمركية.
وفي أوروبا، تباطأ عملية انتشار الطاقة الشمسية هذا العام مع بدء بعض الدول في بلوغ حدود ربط الشبكة، واستنزاف شركات التركيب لمخزونها الحالي. وقد أضافت التحقيقات الجارية مع الشركات الصينية المصنعة للألواح الشمسية، التي تثور شكوك حول استفادتها من الدعم الحكومي، مزيدًا من عدم اليقين ومخاطر الرسوم الجمركية، مما يُثني المشترين عن الالتزام بعمليات شراء جديدة.
وانخفضت أسهم شركات الطاقة الشمسية المحلية هذا العام مع تراجع أسعار الوحدات. فعلى سبيل المثال، انخفض هامش الربح الإجمالي لشركة جينكو سولار إلى 3.1% في السنة المنتهية في سبتمبر، بعد أن كان 16% في عام 2024.
ولا تزال التوقعات قاتمة. كما تزداد التحديات القائمة بسبب التحول السريع نحو تكنولوجيا الطاقة الشمسية الحديثة، الأمر الذي يُلزم المصنّعين باستثمارات ضخمة في تطوير خطوط الإنتاج. وهذا يعني زيادةً إضافية في التكاليف في الوقت الذي تنخفض فيه أسعار البيع.
على الجانب الآخر، تمثل مشاكل مصنّعي الألواح الشمسية الصينيين، إلى حدٍ ما، بشرى سارة لدول العالم الأخرى. فقد أدى انخفاض أسعار الألواح إلى النصف خلال العامين الماضيين إلى زيادة الإقبال على الطاقة الشمسية. وبحسب شركة إمبر، فقد أسهم توليد الطاقة الشمسية في تجنب انبعاثات تعادل حوالي 1.6 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون العام الماضي، وهو ما يُقارب انبعاثات قطاع الطاقة في الولايات المتحدة.
لكن مع ذلك، هناك تكلفة خفية لأن الأسعار المنخفضة للغاية اليوم لا تشجع الشركات على الاستثمار في ممارسات مستدامة بيئياً، ما يؤدي إلى زيادة نفايات التصنيع ومحدودية إعادة تدوير الألواح المُهملة. وكان الإنجاز الأكبر لهذا القطاع هو جعل الطاقة الشمسية في متناول الجميع، لكن الجدوى الاقتصادية اللازمة لاستمراره باتت الآن مهددة.