روتشير شارما

في ظل تزايد المخاوف من فقاعة الذكاء الاصطناعي، يشعر العديد من المستثمرين بأنهم عالقون بين فريق المتفائلين الذين يرون أن التقييمات المرتفعة لأسعار الأسهم منطقية لأن الذكاء الاصطناعي يمثل أكبر ثورة تكنولوجية على الإطلاق، ومجموعات المتشائمين الذين يقولون إن هذه المرة لا تختلف، وإن أي فقاعة لا بد لها من أن تنفجر في النهاية.

ويبدو هذا الفخ أعمق بكثير بسبب نقص الخيارات، حيث تبدو أسعار الذهب والسندات وغيرها من الملاذات الآمنة باهظة الثمن أيضاً، لكن هناك فرصة نادرة في الأسواق العالمية، قد تحقق عوائد قوية بغض النظر عن كيفية تطور هوس الذكاء الاصطناعي. تكمن هذه الفرصة في الأسهم عالية الجودة، خاصة تلك التي تتداول بأسعار منخفضة نسبياً.

وكما تعرّفها مؤشرات «إم إس سي آي»، تتميز الأسهم «عالية الجودة» بعائد مرتفع على حقوق الملكية، ونمو مستقر للأرباح، ومستويات ديون منخفضة. وعالمياً، لا يحقق سوى سهم واحد من كل 5 أسهم هذا المعيار، وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، تفوقت هذه الأسهم بثبات على السوق ككل وعلى استراتيجيات استثمارية أخرى مثل النمو أو القيمة.

لهذا السبب، غالباً ما تُقيّم الأسهم عالية الجودة بثمن باهظ، لكن هذه ليست هي الحال اليوم، فقد سجلت أسهم الجودة واحداً من أسوأ انخفاضاتها النسبية على الإطلاق في الأسواق المتقدمة، متخلفة عن السوق الأوسع بنحو 10 نقاط مئوية خلال العام الماضي، وفي الأسواق الناشئة كذلك، شهدت أسهم الجودة أسوأ انخفاض نسبي على الإطلاق، متخلفة عن المؤشر الأوسع بنحو 17 نقطة مئوية خلال العام الماضي.

وبالتالي، في حين أن متوسطات أسواق الأسهم العالمية التي تهيمن عليها الولايات المتحدة باهظة الثمن وتتداول على نحو أعلى بكثير من اتجاهها التاريخي، فإن أسهم الجودة في تلك الأسواق تتداول دون الاتجاه، عادةً، تحقق أسهم الجودة أفضل عوائدها بعد فترات مماثلة «لكن نادرة» من ضعف الأداء، وهذا هو سبب شعورنا بأن هذه اللحظة المناسبة قد حانت الآن.

ومن المثير للاهتمام أن أداء أسهم الجودة كان دون المستوى على الرغم من التعرض الكبير لشركات التكنولوجيا الكبرى.

من بين الشركات السبع الرائعة التي تقود طرح الذكاء الاصطناعي، اجتازت 5 منها اختبارات «الجودة»، ومع ذلك، فإن وجود أسماء مثل ألفابت ومايكروسوفت لم يمنع فئة أسهم الجودة من التخلف عن الركب، لأنها لم تشمل أياً من الأسهم منخفضة الجودة التي كانت تتلقى دفعة كبيرة من موجة المضاربة المدفوعة بالسيولة.

وعادةً ما تكون الأسهم منخفضة الجودة مثقلة بالديون وغير مربحة ومتقلبة، وقد شهدت ارتفاعاً حاداً أخيراً، مدفوعاً بمستثمري التجزئة والآمال الكبيرة في الذكاء الاصطناعي.

هذا العام، كانت عوائد الأسهم الأمريكية عالية الجودة أقل من سُبع عوائد «التكنولوجيا غير المربحة»، التي ارتفعت بنسبة 70%، وقد تجاهل المستثمرون، في ظل شغفهم بالمضاربة، قطاعات ودولاً عدة تكثر فيها الأسهم عالية الجودة، ومنها -على سبيل المثال- الرعاية الصحية والسلع الاستهلاكية الأساسية في الأسواق المتقدمة.

ونظرًا لشعورهم بأن كل شيء من الأسهم إلى الذهب يبدو باهظ الثمن، ينسحب بعض المستثمرين طويلي الأجل من الأسواق، قائلين إن تحركات الأسعار الأخيرة «غير منطقية» وخطِرة للغاية.

ويتخذ آخرون موقفاً دفاعياً من خلال الاحتفاظ بكميات كبيرة من النقد، على الرغم من أن ذلك يُدر عوائد منخفضة بعد حساب التضخم.

ومع ذلك، هناك طريقة لتحقيق عوائد جيدة في هذه البيئة، وذلك من خلال شراء الأسهم عالية الجودة.

ومن بين هذه الطرق صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) ذات التصنيف عالي الجودة، والمدرجة في بورصات مختلفة.

ومع ذلك، فإنّ أفضل مكان للاستثمار حالياً يكمن في محفظة استثمارية عالية الجودة خالية من الأسهم الأكثر مبالغة في قيمتها.

للعثور على هذه الجواهر الواعدة، قمت بتصنيف شركات في الولايات المتحدة، وفي أسواق متقدمة أخرى، وفي الأسواق الناشئة بناءً على «الجودة»، مع تحسين معيار «إم إس سي آي» من خلال تعزيز مقاييس الربح وإضافة مقياس لنمو الأرباح.

وقد قمت باستبعاد الشركات الصغيرة، قليلة السيولة، والمعرضة لتقلبات الأسعار أو لممارسات تحذيرية مثل حزم تعويضات الأسهم السخية بشكل غير معتاد.

وأخيراً، قمت بفحص القيمة بناءً على عائد التدفق النقدي الحر ونسبة السعر إلى الأرباح المستقبلية مع استبعاد معظم أسماء شركات التكنولوجيا الكبرى ذات القيمة العالية.

كانت النتيجة هي قائمة تضم نحو 400 سهم عالي الجودة يتم تداولها بتقييمات جذابة، ومنها ما يقرب من 140 سهماً في الولايات المتحدة وأكثر من 40 شركة صينية مدرجة في هونغ كونغ، كما يمكن العثور على مجموعات من هذه الأسهم في المملكة المتحدة والبرازيل والهند.

وحسب القطاع، فإن أكثر من 20% من هذه الفئة عالية الجودة والمُقوَّمة بأقل من قيمتها الحقيقية هي أسهم صناعية، تليها الأسهم المالية والسلع الاستهلاكية التقديرية.

وعند التركيز على أكبر الأسهم ذات القيمة السوقية التي تزيد على 10 مليارات دولار، تبرز أسماء عدة معروفة.

تشمل أفضل 30 شركة في كل فئة، الولايات المتحدة، والأسواق المتقدمة الأخرى، والأسواق الناشئة لوكهيد مارتن وسي في إس هيلث، وتيسكو وأسترازينيكا، وفيرست راند ولينوفو. «وهذه النتائج مُقدَّمة كونها نتائج تمثيلية، وليست أسهماً أمتلكها أو أديرها أو أوصي بها بالضرورة».

وفي المتوسط، تحقق الشركات التي تظهر في قائمتي لأفضل 30 شركة عائداً على حقوق الملكية بنسبة 19% مقارنة بـ11% بشكل عام. وتُولّد هذه الصناديق تدفقات نقدية كبيرة وعوائد أرباح تُقارب ضعف عوائد المؤشر، مع تقلبات أقل.

ولم تكن أسعارها، كمجموعة، أكثر جاذبية من أسعار السوق منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لكنها تُتداول الآن بخصم 30% عن سعر السوق، وهي فجوة حدثت آخر مرة في نهاية فقاعة الدوت كوم.

وانطلاقاً من هذه المستويات المنخفضة للتقييم، وباستخدام أساليب قياسية لتقدير العوائد المستقبلية، يُتوقع أن تُحقق هذه الفئة عالية الجودة عوائد سنوية مطلقة تُقارب 15% على مدى السنوات الثلاث المقبلة.

وهذا يفوق بكثير العوائد المتوقعة لفئات الأصول الأخرى، والأهم من ذلك، أن الأمر لا يتطلب التساؤل عما إذا كان جنون الذكاء الاصطناعي سينتهي، ومتى؟.