جيميما كيلي

هل تذكرون وزارة كفاءة الحكومة، التي عرفت أيضاً باسم «دوج» اختصاراً؟ هل تعلمون، ذلك الكيان الفيدرالي الزائف، الذي ابتكره إيلون ماسك، وسماه تيمناً عملة «الميمكوين»، التي كانت ستقتطع تريليونات الدولارات من ميزانية الولايات المتحدة، وتقلص بشكل كبير الدولة الإدارية؟ 

منذ أيام قليلة، ظهر رئيس مكتب الموارد البشرية في الحكومة الأمريكية، ليقدم إجابة مثيرة للاهتمام عن أسئلة الصحافيين الذين استفسروا عن الوضع الحالي لـ «دوج».

قال: «إنها غير موجودة». للأسف، يبدو أنه قد ولّى عهدها، فقد كان من المقرر أن يستمر هذا البرنامج الضخم، الذي يُهاجم البيروقراطية وإهدار الموارد، في العمل كـ «مؤسسة مؤقتة» حتى يوليو 2026، كما هو منصوص عليه في الأمر التنفيذي الذي أصدره دونالد ترامب في وقت سابق من هذا العام، ولكن يبدو أنه تم حلها بهدوء قبل الموعد المحدد.

وصرح سكوت كوبور مدير مكتب إدارة شؤون الموظفين، لرويترز، بأن «دوج» لم تعد «كياناً مركزياً»، وأن مكتبه تولى العديد من وظائفها. «كالعادة، هذه أخبار كاذبة من رويترز»، هذا ما قاله الحساب الرسمي لدوج على منصة «إكس»، بعد انتشار القصة، وواصل بشكل غامض نفي الأمر.

وقال: «لقد مُنح الرئيس ترامب تفويضاً من الشعب الأمريكي لتحديث الحكومة الفيدرالية، والحد من الهدر والاحتيال والإساءة. إننا سنعود في غضون أيام قليلة بتحديثنا المنتظم المقرر يوم الجمعة». لكن لم يكن هناك تحديث.

ويقول الموقع الرسمي لـ «دوج» إنه تم تحديثه آخر مرة في 4 أكتوبر، مع إدراج أحدث نشاط في أغسطس.

يبدو الأمر كله بسيطاً للغاية، والأكثر من ذلك، بدا كله مضحكاً للغاية. كانت هناك دائرة حكومية حقيقية (حسناً، ليس رسمياً، ولكن سُميت بهذا الاسم في العنوان، وهذا هو المهم)، تشكل الأحرف الأولى منها اسم عملة «الميمكوين» الأكثر جنوناً على الإطلاق، تلك التي اختُرعت كمزحة، والتي أعلنها ماسك لسنوات عديدة، على أنها «عملته الرقمية المفضلة»، أصبح من نصب نفسه «أب دوج» حرفياً «رئيس دوغ» (رغم أنه لم يكن رئيساً رسمياً لدائرة كفاءة الحكومة، وإن كان ترامب وصفه بذلك).

وماذا عن الرئيس نفسه؟ إنه نجم تلفزيون واقع سابق، تنبأت إحدى حلقات مسلسل «عائلة سمبسون» بصعوده إلى قمة السياسة الأمريكية. في الواقع، يُمكن حدوث ذلك، لو كنت كاتباً كوميديا ساخراً.

فهل كان ماسك يفعل ذلك لمجرد الضحك؟ لم يكن الأمر واضحاً تماماً، كان الأمر برمته جيداً جداً - يكاد يكون جيداً جداً لدرجة يصعب تصديقها، والأكثر طرافة من ذلك كله، أنه بات حقيقياً. لقد بدا وكأننا دخلنا عالماً جديداً، تلاشت فيه تماماً الحدود بين الواقع والخيال، وحيث يمكن للحقيقة أن تكون أي شيء تقوله.

ولم يكن هذا الانفصال عن الواقع أوضح منه في عالم العملات المشفرة، عالمٌ يمكن فيه لعدد غير محدود من الرموز أن يكون له قيمة ما لحظة إنشائه رقمياً، حيث تنبع قيمته من مجرد الإيمان بها. (مع العلم بأن موقع «كوين ماركت كاب»، يتتبع حالياً أكثر من 27 مليوناً منها)، كان الرئيس والسيدة الأولى على أهبة الاستعداد للاستفادة، حيث أطلق كل منهما عملتيهما الرمزيتين الخاصتين - $TRUMP و$MELANIA على التوالي - عشية تنصيب ترامب.

الآن، من غير الحكمة دائماً قراءة الكثير في التقلبات الجامحة للعملات المشفرة، لكنها انخفضت بشكل كبير خلال الشهرين الماضيين، حيث عانت عملة البيتكوين من أسوأ انهيار لها منذ عام 2022. وإذا كنت ستأخذ «القيمة السوقية» للعملات المشفرة على محمل الجد (أنا لا أفعل ذلك، ولكنه المقياس الوحيد لدينا)، فقد تم محو أكثر من تريليون دولار منذ أوائل أكتوبر – أي حوالي ربع قيمة السوق.

يحدث ذلك، على الرغم من دعم الرئيس الأمريكي الكامل لها (ناهيك عن الدخول فيها بقوة)، كما أن قطاعات من المستثمرين المؤسسيين لا تزال تصر أنها فئة أصول جدية.

العملات المشفرة ليست، ولم تكن أبداً، فئة أصول جدية. وما نراه من هذه التذبذبات، هو تحرك تدريجي بعيداً عن عصر السخرية الذي ميز السنوات، منذ أن أصبح ترامب رئيساً لأول مرة، فخلال عامه الأول في منصبه عام 2017، انطلقت موجة الـ «العروض الأولية للعملات»، ما سمح للمغامرين بجمع ملايين الدولارات لمشاريع مشبوهة، وغالباً ما تكون غير موجودة.

إننا نرى هذا التحول يتجلى سياسياً أيضاً، والمرشح الأوفر حظاً حالياً لمنصب رئيس الولايات المتحدة القادم، جيه دي فانس، لم يستطع تقديم أي شيء مثير، حتى لو حاول. ومن الواضح أنه لن يكون بالإمكان الفوز في الانتخابات بناءً على «صيف سيئ»، ولم تعد الكثير من الأمور مضحكة.