بالنسبة للرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، تعد «التعريفات الجمركية» أجمل الكلمات التي يضمها قاموسه. وتضمنت المقترحات المعلنة خلال الحملة الانتخابية لدونالد ترامب، فرض تعريفات جمركية تصل إلى 60% على البضائع الصينية، و20% على نظيرتها الأوروبية.
ومن شأن التعريفات الجمركية الأعلى أن تقلص حجم التجارة المتبادلة عالمياً. ومن الطبيعي أن يكون لهذا المنحى مردود سلبي على الشحن البحري، لكن مساهمي شركة «ميرسك» لا يعتقدون ذلك.
ويشير ارتفاع سعر سهم شركة الشحن الدنماركية خلال الشهر الماضي إلى آمال، على المدى القصير على الأقل، بأن الرسوم الجمركية التي سيفرضها ترامب لن تلحق ضرراً بالغاً بسوق الشحن البحري. وتعد الولايات المتحدة عنصراً مهماً، وضخماً، في نسيج التجارة العالمية.
فمن حيث الوزن، تشكل واردات الولايات المتحدة 5% من إجمالي الواردات البحرية العالمية، وذلك وفقاً لشركة «كلاركسونز» المتخصصة في تقديم خدمات الشحن. وتمثل التجارة بين الولايات المتحدة والصين بصفة خاصة 1.4% من حجم النقل البحري العالمي للبضائع.
وقد تتسبب التعريفات الجمركية في ارتفاع الواردات الأمريكية في بادئ الأمر. ويبدو هذا الازدياد حتمياً، لأن الموردين سيسعون إلى مراكمة البضائع قبل دخول التعريفات حيز التنفيذ. وحتى بعد ذلك، قد يتحمل المستهلكون الأسعار الأعلى إلى حد ما، كما قد تتقبل الشركات حينها تحقيق هوامش ربح أقل.
وعندما تصبح البضائع باهظة الثمن، يمكن أن تحل واردات أخرى محلها. وستكون الشركات الأوروبية في وضع أفضل نسبياً بالسوق الأمريكية، بفضل التعريفات الأكثر صرامة المتوقعة على البضائع صينية الصنع. وحتى عندما تتمكن السلع المنتجة محلياً من التفوق، فستحتاج الشركات الأمريكية بعض الوقت حتى تتمكن من زيادة طاقاتها الإنتاجية.
ومن الممكن أن يتفاقم تأثير ارتفاع الطلب على الشحن على المدى القصير بسبب الضغوط في سوق الشحن. وقد تسببت الاضطرابات في البحر الأحمر في إطالة مسافات الرحلات. وفي حين انخفضت أسعار الشحن البحري من قمتها، فإن أسعار الشحن بالحاويات تسجل في شنغهاي مستويات عند أكثر من ضِعف ما سجلته في عام 2023.
ومن الناحية التاريخية، انتهت آخر تجارب ترامب مع التعريفات الجمركية إلى تقلص التجارة المحمولة بحراً بنسبة 0.5% فقط، قياساً بسعر الطن للكيلومتر. لكن المشكلة تكمن في أن مثل هذه الحسابات لا تكون مجدية إلا في حالة استمرار النمو العالمي.
وإذا تحركت التجارة لتتكيف مع التعريفات. لكن الحروب التجارية تميل غالباً إلى أن تشهد تصعيداً، مع توسع الدول في فرض تعريفات جمركية. وبمرور الوقت، من شأن ذلك أن يدفع بالناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى الانخفاض، ويتراجع معه الطلب على الشحن.
ويعد هذا الأمر باعثاً على القلق على وجه الخصوص، بالنظر إلى إنفاق القطاع للمكاسب التي حققها إبان فترة الجائحة على شراء سفن جديدة. ومن المقرر أن يكون أسطول السفن في العام المقبل أكبر بنسبة 40% مقارنة بحجمه في عام 2019، بحسب «بيرنشتين».
عموماً، من شأن مزيج المخاطر التي تلوح في الأفق للنمو العالمي والسعة الفائضة في الشحن أن يسبب اضطراباً في القطاع. لكن من المهم التأكيد على عدم وضوح الرؤية بشأن ما سيتحقق من الوعود المقطوعة في الحملة الانتخابية. لذا، من الصعب تقدير حجم وشكل الاضطرابات التي ستطال التجارة العالمية بدقة. ومن جانبهم، يراهن المستثمرون حتى الآن على قدرة شركات الشحن، مثل «ميرسك»، على التكيف مع مثل هذه الظروف.
