وفي أعقاب قمة 30 أكتوبر الأول بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ، أجّلت بكين بعض الضوابط التي كانت تخطط لها، لكن هيمنة الصين قد تأكدت.
فقد رسّخت قبضتها، متجاوزةً السيطرة التي كانت الولايات المتحدة تمارسها سابقاً، منذ ثمانينيات القرن الماضي بعد عقود من التخطيط الاستراتيجي والدعم الحكومي الصيني المستمر، والذي لا يُظهر أي بوادر على التراجع.
وستكون الجهود المبذولة لعكس هذا المسار وتكرار سلسلة التوريد الصينية في أماكن أخرى اليوم مكلفة، وستستغرق وقتاً طويلاً وغير فعّالة.
ومع ذلك، فإنه نظراً لسيطرة بكين على الإنتاج الصناعي الأساسي، واستعدادها لاستغلاله، فلا خيار أمام الدول سوى تطوير الاحتياطيات وتنويع مورديها.
وهذا العام، وقّعت إدارة ترامب اتفاقيات مع عدد من الدول لتأمين الإمدادات، واستثمرت في شركة التعدين المحلية «إم بي ماتيريالز»، مع ضمان حد أدنى لسعر بعض منتجات الشركة، كما حدد الاتحاد الأوروبي أهدافاً لإنتاج المعادن الأرضية النادرة محلياً، مدعومة بعمليات موافقة أسرع.
وسيستغرق البدء في تغيير الميزان بعض الوقت، لكن التحالفات الدولية المنسقة يمكن أن تخفف بعض العقبات وتسرّع العملية.
ولدى البرازيل والهند وأستراليا وفيتنام نحو 40 %، في حين لا تمتلك الولايات المتحدة سوى 2 % فقط.
كما يتطلب التعدين نفقات رأسمالية أولية باهظة، ويواجه في الوقت نفسه أسعاراً متقلبة، لذلك يتعين على الحكومات دعم الاستخراج عبر حوافز مختلفة، منها تأمين الأسعار.
ويمكن التخفيف من التكاليف والأخطار -ومن ذلك قدرة الصين على إغراق الأسواق بإمدادات رخيصة- من خلال الاستثمار المشترك، واتفاقيات الشراء التي تُثبّت الطلب، وتسريع إجراءات التصاريح.
ومن شأن تعهد مجموعة الدول السبع بإنشاء أسواق قائمة على المعايير تضمن إمكانية التتبع أن يعزز هذا التنسيق بشكل أكبر.
وخارج الصين، تمتلك ماليزيا واليابان، وحتى الاتحاد الأوروبي، شركات متخصصة في معالجة بعض المعادن، كما أن هناك حاجة إلى جهود مشتركة للنهوض بالبحث والتطوير.
وعلى سبيل المثال، يمكن لإعادة تدوير المعادن الأرضية النادرة، التي لا تزال في مراحلها الأولى، أن تقلل الحاجة إلى مناجم جديدة مع الحد من الضرر البيئي.
ويمكن لإيجاد بدائل أن يُسهم في الحل أيضاً. وتعمل شركات صناعة السيارات بالفعل على تطوير تقنيات خالية من المعادن الأرضية النادرة للمغناطيسات والمحركات.
واستعداد بكين لاستغلال هذا الإهمال يُمثل ورقة قيّمة في مواجهتها مع الولايات المتحدة، لذلك لم يعد أمام الدول الغربية خيار سوى تسريع وصولها إلى المعادن النادرة.
وبطبيعة الحال، لن يستبعد ذلك الصين من سلاسل التوريد، لكن من الممكن أن يحد من قدرتها على استخدام سلاح المعادن النادرة.
وهذا يستلزم التعاون وتجميع الخبرات والابتكار، تماماً كما تفعل بكين في مواجهة القيود الأمريكية على الرقائق المتقدمة.
وسيستغرق بناء المرونة سنوات، لكن غياب العمل المتضافر اليوم يُعزز موقف الصين أكثر وأكثر.
